مدونة الدكتور مخلص الزامل

باحثٌ في لغة القرآن الكريم

المعرفة ضالتي

عني image
المدونة الشخصية للدكتور مخلص الزامل الباحث الأكاديمي والسياسي العراقي تضم مجموعة من النتاجات العلمية في مجال البحوث والدراسات المختلفة وفي مقدمتها البحث اللغوي وكذلك توثق للتجربة السياسية التي تتبين معالمها من خلال هذه المدونة 
الدكتور مخلص الزامل 
الأكاديمي والسياسي العراقي
مواليد العراق / الناصرية 1974 
حاصل على شهادة الدكتوراه فلسفة في اللغة العربية وعلومها من الجامعة المستنصرية 2015
متخصص في المجال اللغوي الدلالي للغة القرآن الكريم 
عضو الفريق البحثي لمعجم العميد التاريخي لألفاظ القرآن الكريم  

مدونة الدكتور مخلص الزامل قناة معرفية ثقافية

تتبنى عرض النتاج المعرفي والثقافي لصاحبها وتعمل على نشر الوعي المعرفي وتعزيز قيم التواصل العلمي السليم في حقل اللغة العربية وعلوم القرآن الكريم

الدكتور مخلص الزامل

  • Karada, Baghdad, العراق

يوم القدس العالميّ أبعاده وآثاره في الرأي العام الإسلامي

يوم القدس العالميّ

أبعاده وآثاره في الرأي العام الإسلامي

( نظرة إلى موقف المرجعيّة الدينية منه )

إعداد

مخلـــــص الزامـــــــل

أكاديمي وباحث في الشأن الإسلامي

يوم القدس العالمي .... أبعاده وآثاره في الرأي العام الإسلاميّ 

منذ عام 1978 م اتخذت القضية الفلسطينية بعداً ثالثاً في درجات الإدراك والتفاعل، فبعد أن خرجت من حيّزها العربيّ الذي جعل دائرة الصراع على أرض فلسطين الحبيبة يتسم بالسمة القومية والتي كانت تصف الصراع بأنه بين العرب بنحو عام واليهود كأمة تؤمن بالانتماء الديني بالدرجة الأساس ، وكانت صفة ذلك الصراع في المحافل الدولية كلها تؤكد البعد القومي له .

    ان الجيوش التي قاتلت اليهود في أحايين متفرقة من عقود القرن العشرين كانت عربية وهي جيوش المملكة المصرية  ومملكة الأردن ومملكة العراق وسورية ولبنان والمملكة العربية السعودية ضد المليشيات الصهيونية المسلحة في فلسطين، بعد انتهاء الانتداب وانسحاب الجيش البريطاني سنة 1948م، ثم تبعتها حروب وصراعات أخرى في العامين 1967، و 1973، اللتان أفرزتا ما يسمى باتفاقية السلام مع الكيان الغاصب ، ومنذ ذلك الحين عمَّ السكون مشهد المواقف العربيّة التي أكتفت بالتنديد والاستنكار بأصوات خجولة ومخجلة في الوقت نفسه على الرغم من تجدد دائرة الصراع على الحدود اللبنانية حتى صيف عام 2006. وقد كانت وسائل الإعلام العربي تتفاعل بشكل يوميّ مع مجريات الاحداث على الساحة الفلسطينية وترصد الانتهاكات الشرسة التي تطال الأبرياء ولكن من دون مواقف  تنسجم معها من قبل الحكومات العربيّة بل إننا نجد الشعوب أكثر تأثراً من حكوماتها، وهذا ما أنعكس طيلة عمر القضية الفلسطينية على ملامح التوثيق الأدبي والتاريخي، إذ ظهر غرض جديد من اغراض الأدب سمي بأدب المقاومة. 

     أما البعد الآخر فهو الاستهجان العالمي لمواقف الصهاينة في التهجير والتنكيل والقتل والحبس من الفلسطينيين أولئك الذين دفعوا الغالي والنفيس من أجل هويتهم العربيّة الإسلامية المسالمة ، فاتسمت مواقف الشعوب والمجتمعات الدولية بالنزعة الإنسانية  بإزاء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من جرائم إبادة سُجِّلت في حينها الأخطر من نوعها في العالم مما ادى إلى اتخاذ قرارات في مجلس الأمن والهياة العامة للأمم المتحدة لوقف الإنتهاكات الإنسانية في أرض فلسطين ولكن من دون إلتزام عصابات الكيان الغاصب التي كانت تتستر بالعباءة الأميركية بدعم اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأميركية، ولم تخلُ بعض المواقف الرافضة لسياسات الصهاينة من وجود فئة ضئيلةٍ من يهود العالم  كانت تطلق صيحات الرفض بدوافع إنسانية أو غير ذلك، ولكن بقيت الأصوات تتقد وتخبو تبعاً لمجريات الأحداث.

جاء عام 1978م بثورة الشعب الإيرانيّ المسلم بقيادة روح الله الخميني (رضوان الله تعالى عليه) على حكومة  الشاه التي كانت تمثل الشرطيّ المطيع لإرادات الغرب بأجنداته المتقاربة والتي تهدف لتغيير خارطة العالم ليكون طوع قبضتها . وسرعان ما نبهت هذه الثورة العظيمة بقيادتها الرمزية الدينية إلى البعد الحقيقي للصراع مع الكيان الصهيوني وقد كنا نرصد من ذلك الحين من خلال شاشات التلفزيون الإيرانيّة التعبئة الجماهيرية في رفض الوجود الصهيوني إذ وجه رضوان الله عليه في ذلك الحين بقوله : "وإنني أدعو المسلمين في جميع أنحاء العالم لتكريس يوم الجمعة الأخيرة من هذا الشهر الفضيل من شهر رمضان المبارك ليكون يوم القدس، وإعلان التضامن الدولي من المسلمين في دعم الحقوق المشروعة للشعب المسلم في فلسطين "، وقد كان موقف السيد الإمام منسجماً تماماً مع مواقف المرجعيّات الدينية الأخرى وتوجهاتها ، لذلك وجدت دعوتها أصداءها بنحوٍ لافت في استجابة الشعوب العربيّة والإسلاميّة فاجتاحت تظاهرات الرفض للوجود السرطانيّ الغاصب عواصم الدول الإسلاميّة ومدنها وأقيمت المحافل التي تتكفل بجمع الكلمة على موقف موحد أمام التحديات التي تحيق بالمنطقة الإسلاميّة وقد لفتت هذه الممارسة الأنظار إلى حقيقة البعد الإسلامي للقضية الفلسطينية والنظر للقدس الشريف أنه يشكل عقدة في بارزة في الضمير الإسلامي بكونه مهبط الرسالات ومهد النبوات وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. وعلى الرغم من الخلط والتشويه الذي يحاول الكيان الغاصب بان يجعل نفسه ودولته الوريث الوحيد للديانات التي تعاقبت على الأرض المقدسة والتي يشخص على ربواتها المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله .

القدس عاصمة الوحدة الإسلامية 

تتوحد الآمال والآلام والمواقف من تلقاء نفسها حينما تحوم حول تلك القبة الذهبيّة لِتُؤمِّنَ عليها تكبيرات المسجد الاقصى ؛ لذلك نجد أن أنظار المسلمين عموماً تتجه صوب هذه القبة المباركة التي تضم صخرة المعراج الشريف لتقرأ مأساة شعبٍ تعرّض لأعتا حرب إبادة وتهجير وتنكيل. أدت إلى تُحملَ صورة القدس وسورتها إلى شتى أصقاع العالم . ويؤكد ذلك السيد الشهيد الصدر الثاني إذ قال في الخطبة الثانية والثلاثين ما يأتي:

" الشعور بالوحدة والتضامن مع الثورة الفلسطينية المجيدة التي كانت ولازالت تعطي سيل الشهداء انتصاراً للحق المغتصب واحتجاجًا على الظلم المكثّف، والإجحاف الحقيقي الموجود في تلك البلاد المسلمة من قبل مستعمريهم اليهود والملاحظ بوضوح أن فكرة الثورة الفلسطينية قد مرت ميدانياً بتطور وتكامل ملحوظ فبينما كانت عند بدئها فكراً علمانياً دنيوياً لا يريد أكثر من إزالة الحكم الغاشم الظالم في بلاده ولا يفكّر في البديل وفي شكل الدولة الجديدة التي يسعى من أجلها حتى كان أكثرهم شيوعيين في زمن وجود ما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي وكان بعضهم يميل على الديمقراطية الرأسمالية ، وبالتالي كانوا مختلفين وليس لهم هدف محدد وحقيقي،  إلا انهم تطوروا بكل تأكيد مع تطور الفكر الإسلامي العالمي ، فأصبح أكثرهم او الإتجاه الأكثر فيهم إتجاهاً إسلامياً دينياً لطيفاً ، جزاهم الله خير جزاء المحسنين ، وأصبحوا يجاهدون ويُستشهَدون حقيقة في سبيل الله ومضادةً لأعداء الله ،وذلك بعد ان اتسعت التجارب الدينية وازدادت الكتب الدينية ، و وسائل الإعلام الإسلامية فرأى الجيل المتأخر منهم أن الحق الصحيح إنما هو في الدين ، وإن الحل الصحيح إنما هو في الدين ، وليس من المعقول أن اليهود يحاربوننا كيهود ونحن نحاربهم كعرب ، أو كشيوعيين ، او كرأسماليين ، وإنما يقابل اليهودية الإسلامُ ليس إلا . – ثم يردف رضوان الله عليه – والإسلام هو دين الشهادة ودين الآخرة ، ودين العدل ، ودين الجهاد ، وليس في المسالك الأخرى ذلك، والاتجاهات الفكرية الأخرى ليس فيها إلا الخداع والضلال ، فنحن نعلن من هنا تأييداً لمجمل الحركة الفلسطينية والثورة الفلسطينية ونخص بالتأييد منهم اولئك الذين يشعرون بمسؤوليتهم الإسلاميّة وعاطفتهم الدينية وهم الأعم الأغلب على ما اعتقد ، وننصح الباقين منهم إلى ان يميلوا إلى هذا الطريق ، ويلتفتوا إلى الدين الحق ، فيصلحوا بذلك دنياهم وآخرتهم ، ولا تغرنَّهم الشعارات البرّاقة التي لا تفيد في الواقع إلا الإبقاء على إسرائيل وقوتها كما ثبت ذلك ولازال يثبت بالتجارب المستمرة ،, هذا ولو استطعنا من موقعنا ان نمد الثورة الفلسطينية بالفكر أولاً وبالمال والرجال ثانياً بالشكل الذي نضمن ان فيه رضا الله سبحانه وتعالى فعلنا ..... ومن الواضح دينيّاً أن الثورة الفلسطينية وغن كانت هي ثورة الشعب الفلسطينيّ إلا انها ثابتة في ذمم المسلمين جميعاً بمختلف مذاهبهم واتجاهاتهم و دولهم لكي يكونوا يدا واحدةً متعاونين دوماص على الفعالية والجهاد ضد اعداء الله والإسلام كما ورد في الحديث الشريف : (المسلمون يسعى بذمتهم ادناهم وهم يدٌ على من سواهم ) ." وماهذا الحديث إلا تثبيتاً للتضامن مع الشرعية التي تنبع من أصالة الأرض وما يحيا على وجهها وذلك كله مدعاة للجهاد في سبيلها لدعم قوّة وعظمة شوكة الإسلام بإزاء المتربصين به من أرباب الديانات المنسوخة التي لا تريد الاعتراف بالحق والمشروعية الإلهية التي ُشرَّعت بنصوص مترابطةٍ قبل أن تحرَّف من بعد مواضعها، وقد تنبّه الشهيد الصدر إلى ان قوى البغي والضلال تتكالب كل حين لتنال من وجود الإسلام والأمة الإسلامية لذلك كانت يصف القوى التي تدعم وتدير هذا الصراع بالثالوث المشؤوم وكان يشرحه بقوله : "وهو الاستعمار الاسرائيلي – الأمريكي – البرطاني ( قبَّحه الله )" ، وهذه إشارة إلى ان العدو المشترك متحدٌ في خططه وتوجهاته ، وما بقي للأمة الإسلامية إلا أن تتحد هي الأخرى  لمواجهة الخطر الثالوثيّ المحدق بها .

   إن هذه لمحة مضيئة للموقف الإسلامي تجاه هذا الموسم الشريف الذي يدعونا كل سنة للوقوف صفاً واحداً متحداً لرفض هذا الكائن الغريب ، بل وكل الأنظمة التي تنتهج نهجه في القمع والتنكيل بالشعوب المطالبة بحقوقها في الحرية والكرامة والحياة الآمنة المطمئنة الكريمة .... والله من وراء القصد ........... مخلص الزامل

اقرأ المزيد  

الصيغة في العربية قراءة تأصيلية في ضوء الموروث اللغوي في الوضع و الاصطلاح إعداد د. مخلص الزامل

مقال بحثي يجمع بين المعنى اللغوي والاصطلاحي للصيغة

في معنى الصيغة ودلالتها :

الصيغة مصدرٌ فعلهُ (صاغَ)، يُقال: صاغ الشيء يصوغُه صَوْغاً، وصغتُه أصوغُهُ صياغةً، وصغته: سبكتُه ويُقال صاغَ شِعراً كلاماً، أي وضعه ورتَّبه.قال الزَّبيدي: وصاغ الشيء يصوغه صوغاً : هَيْأَهُ على مثال مستقيم، وسبكه عليه ويقال: هو من صيغة كريمة أي من أصل كريم وهو مجاز نقله الزمخشريّ وابن عبّاد،"وهو صوغ أخيه مثله ويُقال صيغةُ الأمر كذا وكذا أي هيأتُه التي بُنيَ عليها"[3]. هذه الدلالة العجمية لكلمة (صيغة) تدلنا على قيود مهمة تم اعتبارها في تحديد المعنى الاصطلاحي للكلمة وتتمثل هذه الأمور فيما يأتي:   

ويكاد يُشعرنا استعمال ابن جني لمصطلح الصيغة بتلك المعاني السابقة فهو يقول عند عنوانه: بابٌ في الدلالة اللفظية والصناعية والمعنوية: "إعلم إن كل واحدٍ من هذه الدلائل معتدٌ مراعىً مؤثرٌ إلا أنها في القوة والضعف على ثلاث مراتب: فأقواهن الدلالة اللفظية ثم تليها الصناعية ثم المعنوية، ولنذكر من ذلك ما يصح به الغرض فمنه جميع الأفعال ففي كل واحدٍ منها الادلة الثلاثة، ألا ترى إلى (قـامَ) ودلالة لفظه على مصدره ودلالة بنائه على زمانه ودلالة معناه على فاعله فهذه ثلاثة دلائل من لفظه وصيغته ومعناه وإنما كانت الدلالة الصناعية أقوى من المعنوية من قِبل أنها وإن لم تكتن لفظاً فإنها صورةٌ يحملها اللفظ، ويخرج عليها ويستقر على المثال المعتزم بها. فلما كانت كذلك لحقت بحكمه، وجرت مجرى اللفظ المنطوق به، فدخلا بذلك في باب المعلوم بالمشاهدة". ويذكر في موضع آخر: "وكذلك الضرب والقتل: نفس اللفظ يفيد الحدث فيهما ونفس الصيغة تفيد فيهما صلاحهما للأزمنة الثلاثة، على ما نقوله في المصادر، وكذلك اسم الفاعل نحو: قائمٌ وقاعد، لفظه يفيد الحدث الذي هو القيام والقعود وصيغته وبناؤه يفيد كونه صاحب الفعل، وكذلك قطع وكسر، فنفس اللفظ ههنا يفيد معنى الحدث وصورته تفيد شيئين، أحدهما: الماضي والآخر تكثير الفعل كما ان ضارب يفيد بلفظه الحدث وبنائه الماضي وكون الفعل من اثنين وبمعناه على أن له فاعلاً". يلاحظُ في هذا النص أن ابن جني يعطفُ البناء على الصيغة عطف بيان ويبادل بينهما وبين الصورة في الدلالة على معنىً واحد وهو ما أسماه بالدلالة الصناعية للكلمة ويلفت أنظارنا في كلامه السابق تسمية الصيغ بالمثل وهذ يدلنا على إشارته بذلك لما تتسم به هذه الصيغ من القالبية ومن كونها مثالاً يُحتذى ويُسج على منواله وذلك لقالبيتها وصلاحيتها للقياس عليها والصوغ على حذوها وكذلك تسميته لدلالتها بالدلالة الصناعية ليُشيرَ بذلك إلى ما تمتاز به الصيغة من صناعة تظهر في عملية التشكيل والصياغة والاشتقاق وهذا يُصرح باشتراط كون الصيغة متصرفة ودالة على أصلٍ اشتقاقي صيغت منه ويدل على ذلك أيضاً معنى الصياغة في اللغة، إذ ان المصوغ لا بدَّ أن يكون له أصل قد صيغ منه، ومن ثم قالوا: هو صيغة كريمة أي من أصل كريم ومادامت هذه الصيغة مشتملة على الأصل الذي صيغت منه فهي صالحة لأن يُصاغ منها غيرها كذلك، وأن تتحولَ عن هيأتها إلى هيأةٍ أخرى تشترك معها فسي ذلك الأصل الاشتقاق ؛ ولذا يُشترط الدكتور تمّام حسان لعدِّ المبنى صيغةً أن ينتميَ إلى أصول اشتقاقية وان يتصرفَ إلى صيغٍ غير صيغتها

وأما اشتراط دلالتها على المعنى الوظيفي وهو واضح من تسمية ابن جني له بالمعنى الصناعي فهو لنفي العبث عن الواضع سواءٌ قلنا هو الخالق أو المخلوق، وينتهي نظره إلى أن واضع اللغة لم يضع وضعا من أوضاعها إلا لمعنى، وإذا عدنا إلى كلام ابن جني السابق نجده قد جعل للكلمة دلالات ثلاث: لفظية وصناعية ومعنوية وجعل الدلالة الصناعية – التي هي دلالة الصيغة – أقوى من الدلالة المعنوية، كدلالة (قام) على فاعله وذلك؛ لأنَّ الدلالة المعنوية أشبه ما تكون بدلالة اللزوم، أمّا الدلالة الصناعية فإنها الوظيفة التي تدل عليها الكلمة بهيأتها وهب اقوى من المعنوية من قبل أنها وإن لم تكن لفظاً فإنها صورة يحملها اللفظ ويخرج عليها ويستقر على المثال المعتزم بها، فلما كانت كذلك لحقت بحكمه، وجرت مجرى اللفظ المنطوق به فدخلا بذلك في باب المعلوم بالمشاهدة وأما المعنى فإنما دلالته لاحقة بعلوم الاستدلال. وهذا يعني أن الصيغة عند ابن جني لها دلالة وظيفية تدل عليها هيأة الكلمة وصورتها كما تدلُّ بنيتها على معناها المعجمي أو دلالتها اللفظية على حد تعبيره، كما تجدر الإشارة إلى قوله في الصيغة بأنها: صورة يحملها اللفظ ليُعبّرَ بذلك عن دلالة الصيغة على الهيأة التي تكون الكلمة عليها. وبناءً على ما تقدّم يمكننا أن نخلص إلى أمور أربعة يمكن ان تحدد ماهية الصيغة وفرقها عن غيرها من المصطلحات وهي: 

 وقد جاءت تعريفات الباحثين المحدثين بناءً على هذا التأسيس لمصطلح الصيغة بعدّها قوالب تُصاغُ فيها الألفاظ وتُحدد بها المعاني الكلية، و المفاهيم العامة، أو هي "القالب التي تُصاغُ الكلمات على قياسه"
   

اقرأ المزيد  
البحوث والدراسات  imageالبحوث والدراسات  image
التأصيل اللغوي للعربية الفصحى  -----------------------------------------------------------------------------------------------------  الدكتور مخلص الزامل 2014

مستخلص البحث  ---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
يتناول هذا البحث مفصلاً مهمًا من مفاصل المعرفة اللغوية التي تتعلق بأصل اللغات والوشائج التي تربطها في حيّز الأسر اللغوية، وهو يقوم على محاور ثلاثة:
اللغة: ويبحث هذا المحور ما اللغة وما الضرورة لوجودها في حياة الفرد والمجتمع، وكيف تعددت التعريفات التي عالجت الظاهرة اللغوية، واقترناها بالحضارات التي تعاقبت على وجه الأرض منذ الخليقة وإلى يومنا هذا، وكيف ان اللغات تتداخل وتتأثر وتموت وتنتعش في ظل العوامل المساعدة على كل ذلك.
التأصيل: المقصود بالتأصيل هو المسار التاريخي الذي انتهجته اللغة في صيرورتها وسيرورتها، حتى بلغت ذروة مجدها باتساع رقعة المتحدثين بها، وكونهم يفهمون ما قيل قبل آلاف السنين وهو دليل حياة اللغة واستجابتها لمتطلبات الانسان، وعرج البحث في ذلك إلى تأصيل المصطلح اللغوي (التأثيل) والذي يعني التأصيل اللغوي كما استعمله كثير من الباحثين المعاصرين، وبيان أهمية هذا المبحث المتعلق بتاريخ اللغات ونزعتها الاجتماعية.
اللغات السامية: مبحثٌ مهمٌ في المعارف اللغوية أن يقف الباحثون على أصول اللغات ومنحاها التاريخي وحركة التأثر والتأثير فيما بينها مما أوجد حقولاً معرفية تجمع اللغات في أسر وعوائل لغوية تتسم بصفات مشتركة من حيث الأصوات والالفاظ والتراكيب والمعاني، فالعربية تنتمي إلى الأسرة الساميّة من اللغات العالمية والتي تجمع بين طياتها اللغات التي نطق بها سكان الجزيرة العربية من أقصى الجنوب إلى أعالي الشمال حيث بلاد الرافدين وسواحل المتوسط.
العربية: اللغة التي تقوم بمجد الماضي و وعد الأبد، فهي لسان القرآن والبعثة النبوية ولسان أهل الجنة كما تدل الأحاديث، وقد وقف البحث على أصولها ومسالك تطورها وتقعيد معارفها في حيّز زمني قليل مقارنةً باللغات الأخرى. وركَّز البحث على ضرورة إيجاد معجمٍ تاريخي يوثق تلك المسيرة الشاقة التي سارت بها العربية الفصحى على مر الازمان. وحاول البحثُ ان يجد السمات المعرفية التي يتسم بها المعجم المقترح والذي يحتاج جهدًا استثنائيًا من لدن الباحثين للوقوف على معالم عظمة لغتنا العربية التي اختارها الله تعالى لسان حضارته.

المستخلص باللغة الانكليزية  ---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

Find extract
This research deals with an important detail of the joints of the linguistic knowledge concerning the origin of languages and ties that link into the linguistic families, which is based on three pillars:
Language: This theme examines the language, and the necessity of their presence in the life of the individual and society, and how varied definitions that have addressed the linguistic phenomenon is associated with civilizations that came to Earth since creation, and to this day, and how the languages overlap and are affected and die and thrive under cofactors it all .
Indigenization: intended Rooting is the historical track what was done language is increasingly becoming the Process, until it reached the height of its glory wide swath speakers, and they understand what has been said thousands of years ago, a language lives and their response to the requirements of the human evidence, and he stopped Search to rooting term language (Etymology), which means rooting language as used by many contemporary scholars, and a statement on the importance of this topic on languages and social tendency.
Semitic languages: Study important in linguistic knowledge that researchers standing on the origins of language and track historic movement vulnerability and influence among them, creating fields of knowledge gathered languages in families and the families of the language with common characteristics in terms of sounds and words and compositions and meanings, however, Arabic belongs to the Semitic family of languages of the world and that combine carries Languages spoken by the inhabitants of the Arabian Peninsula from the far south to the north, where the Upper Mesopotamia and the Mediterranean coast.
Arabic: the language that the glory of the past and the promise of forever it to San Koran and the Prophet's Mission and San people of Paradise as evidenced by conversations, and Scientific attitude the search assets and paths of development and the social market knowledge at a time into small compared to other languages. The research focused on the need to find a glossary of historical documents such arduous march, which goes by the classical Arabic over the times. Find and try to find a cognitive characteristics of the proposed lexicon which exceptional effort from the presence of researchers needed to determine the greatness of the Arabic language chosen by God to San civilization landmarks.
الكلمات المفتاحية:
  • التأصيل
  • اللغوي
  • العربية
  • الفصحى
  • اللغات السامية.
  • المعجم التاريخي
مقدمة     ---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
تتبوأ المباحث التأصيلية أهميةً فائقة في المعارف العامة، إذا ما لوحظت من منظار التسابق الحضاري والتباري الثقافي الذي انتهجته الأمم على مر التاريخ للظفر بالأسبقية إلى معرفة العلوم والنظريات التي من شانها أن تؤثر في حياة المجتمعات الأخرى ومعارفها النظرية، فاليونانيون سبقوا الامم الأخرى إلى تنظير الفلسفة وبسط المنطق وربطهما بمختلف العلوم والصناعات. وكذلك العرب في انتحاء النحو الذي كانت تنطق به الأسلاف كلامها البليغ وتضعه في قوالب الشعر والنثر. ولأنّ العربيّة هي لسان حضارة السماء، وثقافة الرب الجليل التي أردها أن تسود في الأرض، بات لزامًا على الناطقين بها إحياء أمرها على مر الأزمان لتتجدد العناية ويسيل المداد في بيان جمال هيأتها، وجلال مقاصدها، ولأنّها لسان الدار الآخرة كان حريًا ببني البشر جميعًا تعلمها.
لقد اعتنى العربُ منذ قديم الزمان بأنسابهم، وكان التفاخرُ بها غرضًا جليلاً من أغراض شعرهم ونثرهم في الجاهلية والإسلام، وعليه قسمت الأبحاث العارب إلى عاربةٍ ومستعربة، والبحث في أصول القبائل من سمات المجتمع العربي آنذاك، ولكن لم يخطر ببال أحدهم ان يسألَ عن لغته بمن تأثرت وبمن أثرت، حتى جاء القرآن الكريم فأثار هذه النزعة باستعماله لألفاظ عدها العرب أعجميةً في منظارهم، بل أنَّ التساؤلات عمت لهجات العرب نفسها، مما ادى إلى وجود الظواهر اللغوية في القراءات القرآنية. ولكن بقي التساؤل الأهم، من اين جاءت العربية بهذا الكم الكبير من المفردات والصيغ والتراكيب؟ وما هذا البحث إلا خطوة في طريق بيان المعالم المعرفية التي تربط اللغة العربية الفصحى ببنات محيطها الجغرافي والتاريخي والحضاري والاجتماعي؛ لذلك أوردنا البحث في محاور ثلاثة هي اللغة وماهيتها والتأصيل وما نعني به، والعربية ضمن مناخها اللغوي، الذي سهَّل عمليات التأثير والتأثر بين اللغات المتقاربة في الأصول والكيفيات. وكذلك الضرورة المعرفية الأهم وهي إيجاد مقاربات تأصيلية لحصر ألفاظ اللغة وتراكيبها وتحولاتها على مر الأزمان ومرور الأجيال التي اختلفت عليها منذ أن أنطق الله أول عربيّ بلغة الضاد. وهذا البحث مقاربة منهجية لرفد المباحث المتعلقة بالمعجم التاريخي للغة العربية والذي بات ضرورة حضارية تضطلع بها الانظمة العلمية والسياسية العربية، والتي تؤدي إلى اتساق معارف الناطقين بها ضمن منظومة واحدة.
التأصيل اللغوي .. وأصول العربية الفصحى
أولاً/ اللغة:
معرفة اللغة كانت أولى تحديات الإنسان المستخلف في الأرض وقد حدثنا القرآن الكريم بفصول تلك المناظرة التي جرت منذ أن نفخ الله تعالى في الأديم روحاً وجعله بشراً سوياً وكانت المعرفة بحقيقة المسميات مدار ذلك التحدي، إذ يخبرنا القرآن الكريم بحِجاجٍ مفادُه: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ}[1]، فالأفعال (علَّمَ، وعرضَ، وأنبَأَ، وقال، وأبدى، وكتم) تدلُّ على وجود لغةِ تفاهم بين الخالق القدير ومخلوقاته من الملائكة والبشر المستخلف في أرضه، الذين كان أولهم بدرجة نبي وهو أبونا آدم عليه السلام، فلم يكن الإنسان الأول ساذجاً، أو بدائياً كما تشير بعض الأبحاث، بل كان يمتلك مقومات الحياة وفي طليعتها القدرة على التفاهم مع الموجودات وقيادة جيل الخليقة الأول. وقد كانت هذه اللغة قناة التواصل الاجتماعي بين بني آدم؛ ليعبروا من خلالها عن أغراضهم ومتطلبات حياتهم، هذه الحياة الجديدة التي لا تشوبها التعقيدات التي يفرضها التنوع الاجتماعي.
إن اللغةَ جزءٌ من شمولية الخلق، فهي ذات أبعاد وجودية وطبيعية، ثم أنها تطورت عبر عملية تاريخية طويلة جداً واتخذت أبعاداً نفسيةً فرديةً وجماعيةً ومجتمعيةً معقَّدة، لكنها بدأت بالتأكيد بخطوة أولى هي إطلاق الأسماء على الأشياء[2]. واللغة في أحد حدودها لفظٌ وُضِعَ لمعنى وهي لفظٌ مشتقٌ من (لَغَى) بالشيء أي لهَج به، وطريقها الكلامُ والكتابة[3]، وهي لا تقتصر على كونها وسيلة من وسائل الثقافة، وإنما هي أساس كل نشاط ثقافي في كل مجتمع مهما كانت طبيعته وسعته. فللغة دورٌ ذو أهمية أساسية، إذ هي أقوى الروابط بين أعضاء هذه المجتمعات وهي في الوقت نفسه رمز حياتهم المشتركة وضمانها. وهي الأداة الأكثر كفاية في تأكيد خصائص الجماعة، ففي مرونتها ويسرها وامتلائها بالظلال الدقيقة للمعاني تصلح لاستعمالات مختلفة متشعبة وتقف موقف الرابطة التي توحد اعضاء الجماعة ، فتكون العلاقة التي بها يعرفون والنسب الذي إليه ينتسبون[4]. وقد اكتمل نظام اللغة التي كانت "أصواتاً يُعبِّرُ بها كلُ قومٍ عن أغراضهم"[5] بالحدث الأهم وهو توثيقها من طريق اختراع الكتابة.
إن اختراع الكتابة "التي تمثل الكلام بأي صورة من الصور يُعتبر نوعاً هاماً من أنواع النظر في اللغة، وهو حدث مهم جداً في تاريخ البشرية قبل ما يربو على خمسين قرن، ومع اختلاف كتابات الجماعات المختلفة فيما بعد، قد دفع بالدراسات اللغوية خطوة كبيرة إلى الأمام؛ وذلك لأن تمثيل الكلمات الملفوظة برموز كتابية ينطوي على إدراك ماهيتها من حيث المقطع والصوت والكلمة حال تجريدها من سلسلة الكلام المنطوق، وقد أظهرت الكتابة كذلك الفرق بين لغة جيل ما، ولغة الأجيال السابقة عليه"[6]. وقد جاء في الأثر: أنَّ "أول من خط بالقلم إدريس عليه السلام"[7]. الذي كانت فترة نبوته تتوسط فترة نبوة أبينا آدم ونبوة نبي الله نوح عليهما السلام، ولعل ذلك يقترن بفتراتٍ زمنية مثَّلتْ قيام المجتمعات البشرية بتأسيس المدن. وقد أسهم ذلك في ظهور مصطلح مهم في تاريخ الحضارات وهو (بداية التاريخ)، فصفحات التاريخ التي سبقت اختراع الكتابة لم تزل وستبقى طيَّ الغموض و اللا معرفة، حاشا الذي أخبرتنا به الكتب السماوية المدونة، ومصادر التاريخ التي تناولت بالذكر أنساب بني البشر وأهمَّ الأحداث التي اكتنفت مسيرة الإنسان حتى فناء الأرض بالطوفان؛ لتتولد سلالات أخرى شكلتْ الانطلاقة الجديدة للحياة بعد أن استجاب الله جلّت قدرته لدعاء نبيه نوح عليه السلام حينما قال: {وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً}[8]. والكلام عن اللغة بوصفها المزية التي رافقت الإنسان في مراحل تطور حياته يقودنا إلى البحث في مسألة أصل اللغة، "إذ يُصرُّ أكثر علماء اللغة اليوم على إخراج مسألة أصل اللغة من مجال البحث اللغوي، ومع ذلك تجدهم وهم منشغلون ببيان عقم البحث في هذه المسألة تجدهم ينساقون بغير شعور منهم إلى البحث فيها وإلى طرح نظرياتهم الخاصة والظاهر أنها مسألة لا تقبل إبعاداً، كما لا تقبل إرجاءً إنها إحدى المعضلات (النقّاقة) التي تريد منا جواباً سريعاً"[9]. وما ينبغي فهمه، ليس هو التاريخ اللغوي للبشرية فحسب، وإنما الشروط التي تجعل البشرية تمتلك اللغة بل طبيعة اللغة ذاتها، "فإشكالية الأصل - أصل اللغة ، وأصل المجتمع - دَشَّنَتْ ثورةً فلسفيةً كبرى وهي الثورة التي ستفصل بين الطبيعة (مجال القانون الفيزيائي والحتمي) وبين الثقافة (مجال الحق والتاريخ والحرية البشرية)، ومهما كانت لحظة ظهور اللغة وظروفها على مستوى الحياة، فإنها لا يمكن أن تكون قد ولدت إلا دفعة واحدة. فالأشياء لم تكن لتدلَّ بالتدريج. فعلى أثر تحوّل معيّن لا تندرج دراسته في العلوم الاجتماعية، وإنما في البيولوجيا وعلم النفس حدث العبور من مرحلة لم يكن لأي شيء فيها معنىً إلى مرحلة كل شيء فيها له معنى"[10]. وهذا يفسر بنحوٍ واضح وجليٍّ معنى (وعلَّمَ آدم الأسماء كلها).
"ليس تحليل اللغات بالسبيل الجيد لتناول مسألة أصل اللغة، وهو ما يعني أن فكرة بناء اللغة البدائية ليست سوى وهم، إذ يتفق الانثروبولوجيون على أن البشر أصلهم من أفريقيا الشرقية وأنهم احتلوا الأرض من خلال هجرات متتالية، ويعني هذا الوحدة اللغوية للبشرية"[11]. وإن سؤال اللغة يستدعي سؤال المعنى على قدر ما ينادي سؤال المعنى سؤالاً آخر وهو سؤال الدلالة، كيف تنشأ؟ وكيف تتجلّى؟ حتى يتمثلها الساعي إلى تحصيل ملكة اللغة. ولكن أسئلة اللغة والإرادة والتحصيل ترتد جميعاً إلى سؤال واحد – متفرد ومستبد– وهو سؤال الاكتساب: ما الذي منه حاصل بالذات؟ وما الذي منه وافدٌ بحكم الأعراض؟ وهل هناك سمات خاصة تميز اكتساب اللغة الإعرابية من اكتساب أي لغة أخرى غير إعرابية ؟[12]. ولأنها وثيقة الصلة بالإنسان وبيئته؛ فهي تظهر المجتمع الإنساني على حقيقته، وليست اللغة رابطة بين أعضاء مجتمع واحد بعينه، وإنما هي عامل مهم للترابط بين جيل وجيل، وانتقال الثقافات عبر العصور لا يتأتى إلا بهذه الوسيلة العجيبة، ومن أجل هذه كان من السهل على الباحثين أن يكتبوا تاريخاً لكثير من اللغات الحديثة بادئين بأقدم صورة للغة، متعقبين التطور التاريخي لها[13]. والبحث عن أقدم صورة للغة يقودنا إلى معرفة اللغة الأم : وهي اللغة التي عنها تشعبت عدة لغات أخرى. وهذا الاعتبار هو الذي حدا بعلماء اللغة إلى القول بانتماء اللغات إلى عائلات أو مجاميع تنحدر كل مجموعة منها من أصل واحد، وإذا كانت اللغة لا تنتمي إلى مجموعة معروفة ولم تترك لها مواليد من اللغات أو اللهجات، وصفت بأنها لغة معزولة أو عازلة، كاللغة السومرية في بلاد ما بين النهرين[14]، التي عُرفَ بها السومريون وهم أمةٌ سكنت جنوبي العراق حول الخليج العربي، وتركت لنا آثاراً مكتوبة يرجع أقدمها إلى منتصف الألف الرابع قبل الميلاد، وقد بلغ من قوة هذه اللغة أنها لم تمت نهائياً بعد غزو الساميين الأقدمين ((الأكاديين)) للعراق، بل عاشت قروناً طويلة في ظلهم لغة العلم والدين والثقافة[15]، والراجح أن شعب سومر من أقوام ما قبل الطوفان، إذا ما قرنّا حدث اختراع الكتابة مع حديث نبي الله إدريس عليه السلام. إلا أن وجودهم امتد حتى ظهور الأمم الساميّة.
إن الحديث عن اللغة الأم يرتطم بحديث برج بابل الذي تحكيه التوراة في سفر التكوين إذ جاء فيه : (( وكان العالمُ كُلُّه يَتَكَلَّمُ لغةً واحدةً ويَستعملُ كلماتٍ يَعرِفُها الجميعُ. وحدَثَ لمّا ارتحلوا شرقاً ، أنهم وجدوا سهلاً في بلاد بابل فاستقروا هناك، وقال بعضهم لِبَعضٍ: تعالوا نصنعُ طُوباً ونشويه بالنار. فاستخدموا الطُّوب بدل الحجارة ، والزفت بدل الطين. ثم قالوا تعالوا نبني لأنفسنا مدينةً وبرجاً تصل قمته إلى السماء فنصنع لنا اسماً لئلا نتشتت في جميع أنحاء الأرض . ونزل المولى لِيرى المدينة والبرج اللذين كان الناس يبنونهما فقال الله : إن كانوا وهم شعبٌ واحد يتكلم لغةً واحدةً قد بدأوا بعمل هذا، إذاً فلن يصعُبَ عليهم عملُ أي شيءٍ آخر ينوون عمله. تعالوا ننزل ونبلبل لغتهم لكي لا يفهم بعضهم كلام بعض، فشتتهم الله من هناك في كل الأرض ، فتوقفوا عن بناء المدينة لذلك سُمّيَتْ (بابل) لأن الله بلبل لغة العالم كله هناك. ومن هناك شتتهم في جميع أنحاء الأرض))[16]، ومما يبدو انه نصٌّ في غاية الأهمية والخطورة؛ فهو توثيقٌ دقيق لحدثٍ ما تزال أثاره شاخصة لهذه الساعة، وهو بطبيعته لا يختلف في مضمونه عمّا جاء في القرآن الكريم في قوله تعالى:{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ}[17]. إذ يتفق النصّان على أن الناس كانوا أمةً واحدةً، مما يقتضي أن يكون لسان هذه الأمة لساناً واحداً. وتكشف قصة البرج عن فكرة أساسية مفادها أن الوحدة اللغوية (الأحادية اللغوية) تسهل كثيراً عملية التواصل. لذا جاء فعل البلبلة ليجعل من التواصل عملية شاقة فيها نصيب كبير من الغموض والتشويه. فقصة البرج تحيل بشكل أو بآخر على اللغة المثالية التي كانت سائدة، وهذا يفسر تلك الأبحاث التي تطمح إلى العودة إلى ما قبل حادثة البرج وتسعى بذلك إلى اقتراح لغة عالمية (طبيعية أو اصطناعية) تسهل عملية التواصل، وقد أشاد الخطاب القرآني المعجز بهكذا حدثٍ مهم إذ جعل اختلاف الألسنة آيةً تضاهي آية خلق الكون، وخصَّ فهمها بأهل العلم والمعرفة، وذلك في قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ}[18]، وتبعاً لذلك يمكننا أن نضع علاقة وطيدة بين تاريخ الشرائع (الإبراهيمية واليهودية والمسيحية والإسلامية) وتاريخ اللغة[19].
اللغات كائناتٌ حية تتأثر بحياة المجتمع الناطق بها وهي عرضةٌ للموت كما هي عرضةٌ للتطور والبقاء، قال سامويل جونسن أحد معجميي القرن الثامن عشر: "إن الأسى ليتجدد في نفسي كلما فُقدت لغة من اللغات؛ لأن اللغات أشجار أنساب الأمم"[20]. ويذكر أصحاب النظرة الاجتماعية للتطور اللغوي لذلك ثلاثة أشكال: أولها/ أن تموت اللغة موتاً طبيعياً، من الكبر والضعف والتقدم في السن، في حال كثر المتكلمون باللغة وتشعبوا، وتباعدت مواطنهم وأقاموا لهم حضارات متباينة لا يتصل بعضها ببعض، فتولّد لديهم لهجة محلية منبثقة من اللغة القديمة ومع مرور الأجيال تندثر اللغة الأم من ذاكرة الأبناء ومن أمثلة ذلك: الساميّة الأم، والسنسكريتية، والفارسية القديمة، والجعزية الحبشية، واللاتينية. وثانيها/ أن تموت قتيلة، وذلك بفعل الغزو المسلح بكثرة عدد الغازين، كغزو الساميين القدماء للعراق حيث كان السومريون يقيمون في عهود ما قبل التاريخ وباكتساح الساميين لهم تلاشوا هم ولغتهم، وقد تركت لغة السومريين آثاراً كبيرة في لغة الغازين. وأن يكون الغزاة أعلى درجة في الحضارة من المغزوين. وثالثها/ أن تموت بالتسمم، ويبدأ ذلك بتسرب رشح الدخيل من لغات أخرى تحتاج إليه اللغة فتتقبله وهكذا ماتت اللغة السريانية القديمة حينما سمحت لسيل الدخيل العربي بعد الفتح بالتسرب إليها شيئاً فشيئاً[21].
من هنا ظهرت الحاجة للتأصيل اللغوي وفي مراحل متقدمة من تاريخ البشرية في بداية نشأة العلوم اللغوية منذ أفلاطون ثم أرسطو وحتى علماء الإسكندرية البطلمية (الهيللينية) حتى علماء العرب واللاتين، وإلى القرن التاسع عشر كان معنى هذا المصطلح مجرد تحديد الأصل اللغوي لكل لفظة بغية تحديد معاني الألفاظ بمعرفة الأصل الذي تطورت عنه – ربما من لغة لأخرى – وكان ذلك جزءً أساسياً من أدوات المنطق الأرسطي، ومن الدراسات اللغوية التي تطورت عند العرب في علوم التفسير والحديث بالإضافة إلى علوم الفلسفة (الكلام) والدين (الأصول والفقه) والمنطق، وعنهم نقل اللاتينيون الأوروبيون مع بدء الدراسات الوسطية في الكتاب المقدس، ثم مع بدء ترجمته إلى اللغات الحديثة، ورغم الفارق الجسيم بين تعريف أفلاطون واستخدامه للـ(إيتيمولوجيا) وبين تعريف واستخدام أرسطو له، فقد التقيا عند بيان وظيفة هذا المنهج الذي يفرضه المصطلح لتحديد الأصل اللفظي – اللغوي – للفظة الواحدة. ولكن جاء القرن التاسع عشر باكتشاف اللغة السنسكريتية (إحدى اللغات الأصلية القديمة في الهند) التي أعتُقِد بأنها أحد الأصول للغات الأوروبية فسهل ذلك تأسيس منهج (إبتسمولوجي) متكامل ويقوم على المقارنة بين الألفاظ من وجهة النظر الصوتية أولاً، على أساس أن الصوت الواحد (الأصلي) يمكن أن يتحور إلى صور صوتية منه متعددة في كل لغة – تبعاً لأسباب عديدة – وأن يثبت معناه رغم التغير الصوتي أو يتغير معناه مع التغير الصوتي، ويتبع ذلك تطوير للمنهج الايتيمولوجي باقتفاء خطوات تغير دلالات الألفاظ أو معانيها مع التغيير الصوتي الذي يلحقها بتأثير ثقافي أساساً. وقد حدد علماء اللغويات الحديثة (مع علماء الصوتيات وتأريخ الثقافة) نحو عشرين وسيلة لتغير صوت الألفاظ ومعانيها. وفي علم الدراسات الشعبية تفرع علم اللغويات الشعبية الذي ولّد علماً خاصاً لتأصيل الألفاظ في اللهجات واللغات المحلية والشعبية (العامية) وصوتياتها، يؤثر الآن تأثيراً قوياً على علوم الانثروبولوجيا والتراث الشعبي وتاريخ الأدب والصوتيات اللغوية وغيرها[22]. ولا أحد يعلم على وجه التحديد كم لغة في العالم، ومرد هذا جزئياً إلى صعوبة التمييز بين اللغة وبين ما اشتملت عليه من لغات فرعية ولهجات. لكن الذين حاولوا إحصاء اللغات وجد أكثرهم أن عددها 5000 تقريباً، وأن كثيراً من هذه اللغات لتبدو شديدة الاختلاف بعضها عن بعض إلى درجة أن ليس للاختلاف بين اللغات حد يقف عنده، ولا يمكن التنبؤ بصوره[23].
ثانياً/ التأصيل:
يقترن مصطلح التأصيل بصور لفظية أخرى جاءت من ثقافات مختلفة تختلف في بناها وتتفق في محتواها، ولا تختص مفردة التأصيل في المجال اللغوي فحسب، بل إنها تعمل في حقول معرفية أخرى ولكن السمة التاريخية هي الغالبة على دلالتها في الاستعمال المعرفي المتعدد. وهي ترجمة للمصطلح (Etymology) الذي له وجوه متغايرة في اللفظ متقاربة في المعنى ومنها: (علم اللغة التاريخي، علم اللغة الاشتقاقي، علم التأصيل اللغوي، علم تاريخ الكلمات، علم التجذير، علم تاريخ الألفاظ، التأثيل، وعلم أصول الكلمات)، كما سنبين.
و(Etymology) - وتُلفظُ: (إتيمولوجيا) - تعني حقيقة الكلمة أو أصلها، وهي كلمة فرنسية منقولة من أصل يوناني، إذ تتكون من مقطعين يونانيين الأولEtymos)): وتعني: الحقيقة، والمقطع الثاني(logos) : وتعني: الكلمة، والإتيمولوجيا فرع من فروع اللسانيات يدرس أصل الكلمات، ونهج تطورها، ومقارنة المتشابه منها في لغات تنتمي لعائلة لغوية واحدة، وكان أفلاطون من أوائل الباحثين في هذا المجال، ومنهجه يقترب كثيرا من المفهوم المعاصر لهذا العلم. وينسب علماء اللسانيات أقدم بحث تأصيلي للقرن الخامس قبل الميلاد حين قام الكهنة الهنود بشرح الكلمات السنسكريتية العصية على الفهم في كتاب (Rig-Veda) وهو أقدس كتبهم آنئذ؛ لاستخدام هذه الكلمات في الطقوس الدينية. وكانت المحاولات الأولى في هذا العلم ساذجة ومبنية على الاجتهاد لا القواعد العلمية[24].
التأصيل: مصدرٌ مصوغ من كلمة "أصل" في قول الأئمة أصل كذا هو كذا لبيان المرحلة السابقة لمعنى جزئي، أو لفظ أمامهم، أو ليبينوا المعنى الأساسي الذي اشتقت منه وترجع إليه استعمالات جذر معين. وقد استعمل مصطلح "الأًصل" لبيان مأخذ معنى جزئي، ولبيان المعنى المحوري[25]. والأصل بنحو عام: "أقدمُ صورةٍ لشيءٍ متبدل، فيكون مبنىً وأساساً لذلك الشيء"[26]. و"هو الواقع القديم الذي تبدل فخرج منه شيءٌ آخر"[27]. من طريق الاشتقاق الذي عُرِّفَ بأنه: وسيلة لفهم الطبيعة التاريخية للغة، بمعنى العودة إلى نقاء أصل المعنى[28]، وهذا يرمز للاشتقاق الدلالي: الذي يُقصد به استحداث كلمة جديدة المعنى من كلمة أخرى مع تناسب الكلمتين في المعنى وتماثلهما في الحروف الأصلية ومواقعها في الحالتين[29] .
والتأصيلُ دراسة تاريخ الكلمات وأصولها وكيف تغير رسمها ومعناها مع مرور الزمن الأول بعملية لسانية تعتمد المقارنة بين الصيغ والدلالات لتمييز الأصول والفروع، ومن ناحية أخرى هو عملية تاريخية حضارية؛ لأنها تستعين بدراسة المجتمعات والمؤسسات وسائر العلوم والفنون للبتّ في القضايا اللّسانياتية، بالإضافة إلى مقارنة الألسن لمعرفة أنسابها وأنماطها؛ لأن اللسان الذي يكون فرعا تكون ألفاظه فروعا. إذ يعتمدُ دراسة الأصل التاريخي للكلمات، بتتبع تطور الكلمة من خلال الوثائق والمخطوطات، وأحيانًا تاريخ المجموعات البشرية الناطقة بهذه الكلمات. حيث يتم تفسير معاني الكلمات بناء على التشابه السطحي كما في الكلمة الانكليزية: (three)، والألمانية: (trei)، واللاتينية: (tres)، واليونانية: (treis)، فكلها مأخوذة من الكلمة الهندوأوروبية: (treys)"[30]. فذلك هو العلم "الذي يدَّعي أنه يخبرنا القصة الحقيقية للكلمات، أو التاريخ الذي يمكن استعادته من دراسة الحالة الحاضرة بالعودة إلى الأصول"[31]. ويعنى "بدراسة أصل الكلمات وتاريخها والتغييرات في أشكالها ومعانيها وهذا يضم استعارتها من لغات أخرى. وهذا القسم من علم اللغة له روابط وعلاقات مع علم دراسة المفردات Lexicology)) وعلم الدلالة (semantic) وهو تحليل مواد المفردات في لغة ومعانيها في نصوص متعددة"[32]. وهو معنيٌ "بـالكلمة المعجمية وهي كلمة لها معنى معجمي متكامل خاص بها، نقيضها الكلمة الوظيفية التي ليس لها معنى معجمي مستقل لكنها تضيف معنىً نحوياً للبنية"[33].
لقد وجد هذا المصطلح صداه في التراث اللغوي العربي القديم فتلبس بلفظٍ مرادفٍ آخر وهو (التأثيل) ذاك اللفظ الذي يحملُ خصوصيةً لغوية أكثر من التأصيل لأن الأخير غير مختصٍ بالحقل اللغوي، وقد بانت الصلةٌ وطيدة بينهما منذ القرن الرابع الهجري فقد ذكر الجوهريُ (ت393هـ) ذلك بقوله: "التأثيل: التأصيل، يُقالُ: مجدٌ مؤثل وأثيل، قال أمرؤ القيس:
ولكنما أسعى لمجــدٍ مؤثـــلٍ
وقد يُدركُ المجد المؤثـّـلَ أمثالي"[34].
والأثيل: منبت الآرآك وكل شيء له أصلٌ قديم أو جُمِعَ حتى يصير له أصل فهو مؤثَّل، وأثلةُ الشيء: أصله، المؤثلُ: الدائم، وأثَّلتُ الشيءَ: أدمته، وتأثَّلَ فلانٌ بئراً أي: إحتفرها لنفسه[35]. وتأثلتُ البئر: حفرتها. قال أبو ذؤيب:
وقد أرسلــوا فــرّاطَهُم فتأثَّــــلوا
قًلــيباً سـفاهاً كالإمــاء القـــواعدِ
وهذا قياس الباب ؛ لأنَ ذلك إخراج ما قد كان فيها مؤثـّلاً[36].
أما "الأصول اللغوية للإثل فالظاهر رجوع ((أثل)) إلى ((أصل)) لفظاً ومعنىً فيهما من قبيل صراط و سراط ولهذا أُطلق الأثْل على شجرٍ ثابت الأصل"[37]. والإثلُ يعني: "كان ذا أصلٍ كريم"[38]، والأصل "هو عنصر التشكل المشترك بين وحدات معجمية من العائلة التأثيلية نفسها في لسان أو مجموعة من الألسن.... ويكون أصل نواة غير قابلة للتجزئة"[39]. و"التأثيل: نشاطٌ تزامني عميق"[40]، يستهدف الربط الاشتقاقي الشامل بمعنى محوري عام، وهو ما تشيع الآن تسميته الجذر على معنى، وقد سمى تأصيلاً لتصور أن المعنى العام ذاك هو المعنى الأصلي، أي الأول للتركيب، أي التصور أن أقدم لفظ وجد من هذا التركيب كان يُعبر عن هذا المعنى[41]. إن أهم قيم التأصيل هي الربط الشامل الذي يُثبتُ ويحقق انضباط اللغة وإحكامها، فهو يكشف ويثبت أن ألفاظ التركيب الواحد واستعمالاته تدور كلها في فلك المعنى المحوري[42].
أول ما استعمل لفظ (التأثيل) بمعناه الوظيفي في بعض المؤلفات التي تناولت البحث في أصول الألفاظ من قبيل كتاب (غرائب اللغة العربية) لروفائيل نخلة اليسوعي، وكتابي (مغامرات لغوية) و (قصص من اللغة) لعبد الحق فاضل، وقد استعمل ابن فارس (395هـ) لفظ: "الأصل" ليُعبِّرَ عن التركيب الثابت في اللغة، الذي له معانٍ محورية فإذا اختل احد الشرطين (الثبوت والمحورية) لم يسمه أصلاً[43]. وقد "استعمله للتعبير عن معنىً آخر هو (الجذر)"[44]. والجذر: هو الأحرف المشتركة بين عدد من الكلمات يُعتقد بأنها تتصل ببعض اتصالاً اشتقاقياً وقد يتعذر لفظ هذه الأحرف في كثير من الحالات لأسباب صوتية فيُعمَد إلى إضافة أصوات علة بينها لتيسير لفظها. أما المادة: فهي مرادف لمعنى الأصل[45]. وهي "عبارة - عند أهل الصناعة - عن الحروف التي تلزم الكلمة في كل موضع من تصرفها،- إلا أن يحذف شيء من الأصول تخفيفاً أو لعلة عارضة – فإنه لذلك في تقدير الثبات، وقد احتاط التصريفيون في سمة ذلك بأن قابلوا به في التمثيل من (الفعل) والموازنة له (فاء) الفعل و(عينه) و(لامه)[46]. والأصلُ لفظٌ مشتركٌ[47] لغوي ومعرفي، ومن بعض آفاقه استعماله حقيقةً ومجازاً في علوم اللغة في الصوت والتصريف والنحو والدلالة وكذلك في علم أصول الفقه والمنطق والفلسفة، بل يتعدى ذلك إلى حقل العلوم الطبيعية[48]، كما مرَّ بنا في مستهل كلامنا عن التأصيل. مما يعني أنَّ (التأثيل) مفردةٌ هي الأكثر التصاقاً بالمعرفة اللغوية لما لها من خصوصية مستقرأةٍ في طول مسيرة الاستعمال اللغوي لكلا المفردتين.
من الملاحظ عدم استعمال (التأثيل) في غير المجال اللغوي، بل وأنها اختصت في داخل هذا المجال بقضايا العمق التاريخي للكلمات والأصول التي تحدَّرت منها وما آلت إليه من مبانٍ ومعان، فلا نجدها إلا في حقول الاشتقاق والجذور التصريفية: وذلك يعني أنها مختصةٌ بمستويين لغويين هما: صيرورة الألفاظ والمعاني (semantic meaning) وسيرورتهما(pragmatic meaning) وذلك هو جوهر حقل معرفي لغوي يسمى علم اللغة التاريخي (Historical Linguistics) ويقصد به دراسة تطور اللغة عبر الزمن من فترة إلى أخرى وأسباب التغير ونتائجه، سواء أكان هذا التغير يرجع إلى سبب لغوي أو أسباب أخرى غير لغوية ويصدق على أساس وصف اللغة في مرحلتين تاريخيتين أو أكثر من مراحل اللغة التي مرت بها[49]. فيتبنى حصر التغيرات التي تصيب اللغة على مر العصور، من طريق النظر إلى العلاقات التركيبية، وذلك لفهم الظواهر الخاصة باللغة، وتعد دراسة التغير في لغة بعينها جزءاً من إطار العمل في هذا العلم، الذي يتبنى المنهج التاريخي(Historica Method) أو (Diachronic Method) في الدرس اللغوي والذي يُعبّر عن تتبع أية ظاهرة لغوية في لغة ما حتى أقدم عصورها التي نملك منها وثائق ونصوصاً لغوية، أي أنه عبارة عن بحث التطور اللغوي في لغة ما عبر القرون[50]، بمنهجية تعتمد على دراسة حالات التطور للظواهر اللغوية عبر مراحلها الزمنية ويشمل مستويات الدرس اللغوي كافة، وكذلك يرصد تحولات اللغة في جوانبها البنائية وتوزعها على شكل لهجات وتحول اللهجة إلى لغة عامة بين أبناء الجماعة اللغوية، وتحولها إلى لغة عالمية بفعل الهيمنة السياسية، أو انحسارها تبعاً للعوامل الذاتية والموضوعية، وهو معنيٌّ ببيان المراحل الزمنية لحياة اللغة، وتبيان الازدواجية اللغوية ومستوياتها عبر النظام التركيبي والتحويلي والبنائي، ويهتم بجوانب التأصيل المفرداتي، باعتماده على المخطوطات، والنقوش المحفوظة على ألواح الطين، وأوراق البردي، والأحجار ، وهو بهذا على صلةٍ وثيقةٍ بعلم الآثار، ومعطياته ومناهجه، مما يعني أنه يعتمد بنحوٍ حدّي على اللغة المكتوبة لأنه يعتقد بأن اللغة المنطوقة لا تمثل إلا شيئاً مخادعاً وصورة مظللة[51].
وجديرٌ بالذكر أنه لا يجوز أن يكتفيَ المنقبون بالتشابه اللفظي عند تأثيل الألفاظ بل لابد من تطابق المعنى أو التشابه أيضاً؛ لأن الألفاظ قد تتشابه دون أن تكون بينها أية علاقة تأثيلية[52]، كالتشابه اللفظي بين الكلمة العربية: (فانٍ) التي تعني (هالك)، والانكليزية:(fan) التي تعني (مروحة)، وقد تحدث هذه الظاهرة في حدود اللغة الواحدة. و"علم اللغة التاريخي .. يهتم بعلم فقه اللغة المقارن الذي يدرس العلاقات أو الصلات التركيبية ما بين اللغات بهدف إيجاد لغة قديمة مشتركة"[53].
ثالثاً/ العربية .. ومباني التأصيل
حينما نعمد إلى تطبيق مفردات المنهج التاريخي في تأصيل اللغة العربية ومفرداتها فإننا حينئذ سنكون مطالبين بنصوصٍ مكتوبةٍ أو برموزٍ منقوشةٍ أو قل بأدلةٍ ماديةٍ نستدلُ منها تاريخَ لغتنا العزيزة، ومراحل تكاملها، وقوة إيحاء كلماتها[54]، حتى وصلت إلى المستوى اللائق بحمل رسالة السماء والتعبير عن دقائق المعاني الساميات لكلام المولى الجليل، الذي جعل العربية لسان معجزته ولهجة أهل جنته. وقد تقدم الكلام في حديث اللغة الواحدة وما أعقبه من بلبلةٍ وتعدد ألسن، وهذا يُحيلنا إلى موضوع اللغة الواحدة أو الموحدة التي تبلبلت ثم تعددت وصارت أشتاتاً. وقد تقدم الحديث عن ذلك في موضوع اللغة الأم، وهذا كله يدخل في صلب اختصاص حقلٍ معرفي آخر هو علم دراسة اللغة (Glottogonic Linguistics)[55] وهو "فرعٌ من علم اللغة يهتم بالأسئلة التي تدور حول متى؟ وأين؟ وكيف؟ تطور الكلام البشري. وقد طرحت عدة نظريات من الفلاسفة وعلماء اللغة حول ما إذا كانت اللغة قد نشأت في مكان واحد أو عدة أماكن (نظرية وحدة أصل اللغة ونظرية تعدد أصل اللغة) وأي شكل من العمليات الاجتماعية والتشريحية مسؤولة عن أصل نشوء الكلام"[56].
إن أول المسائل التي تواجهنا في تأصيل اللغة العربية هي: ما معنى أصل الكلمة؟. و"يُقصد بأصل الكلمة اسماً كانت أو فعلاً تلك المادة التي وضعت عليها وضعاً مجردة من الزيادة والحذف، وهذا الأصل لا معنى له لأنه يتألف من أحرف صوامت خالية من الحركات وهو المادة الأصلية للكلمات التي تشتق منه، ويكون أساس اشتراكها في المعنى؛ لأنها تشترك مع مجموعتها المشتقة من ذلك الأصل"[57]. وهذا الجواب كفيلٌ بوصل البحث بالمجموعة اللغوية التي تنتمي إليها لغتنا الفصحى.
اللغات السامية: عُرفت هذه المجموعة اللغوية بهذا الاسم نسبةً للأمم السامية: ويُطلق لقب الساميين على الشعوب الآرامية والفينيقية والعبرية والعربية واليمنية والبابلية والآشورية وما انحدر من هذه الشعوب، وأول من أطلق هذه التسمية العالم الألماني (شلوتزرSchlozer ) في أواخر القرن الثامن عشر وقد اقتبسه مما ورد في سفر التكوين بصدد أولاد نوح (سام ، حام ، يافث)، والشعوب التي انحدرت من كل منهم[58]. ووجود التنوع في لغات هذه المجموعة منشؤه أن اللغة لا تنتقل دائماً من الخلف إلى السلف، على الرغم من انحدار الأمم الناطقة بالسامية من أصل واحد. والموطن الأول للشعب السامي - على ما يرى العلماء[59] – هو بلاد الحبشة، وشمال أفريقية ثم توجهوا إلى آسيا عن طريق فروع السويس حتى وصل امتدادهم إلى بلاد أرمينية بالقرب من حدود كردستان شمالاً واستقر قسمُ كبيرٌ منهم جنوب العراق وكذلك في بلاد كنعان عند الساحل المتوسطي بالإضافة إلى القسم الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة العربية في بلاد اليمن.
"إن مجموعة هذه اللغات تؤلف وحدةً، وذلك للمزايا المشتركة بينها، منها أن هذه اللغات تشتمل على عناصر مشتركة. وهي الضمائر وأسماء الإشارة والاسم الموصول والظروف وحروف الإضافة والأصوات، واشتراكها في هذه المسائل يدفعنا إلى القول بأنها من أصل قديم واحد نطلق عليه (السامية الأم) التي تفرعت منها لغات هذه العائلة، ومنها أنها تشتمل على ألفاظ ذات طابع بدوي يشير إلى الأصل لابد أن يكون ذا طبيعة بدوية وإلى ذلك ذهب القائلون بأن مهد الساميين الأول شبه جزيرة العرب"[60]. وأما القول في أقدم لغة سامية فقد ذكَرَ (أولس هوزن) في مقدمة كتابه عن العبرية إلى أن اللغة العربية هي أقرب اللغات السامية إلى اللغة السامية الأولى[61]. وأبرز معالم التشابه بين اللغات السامية يمكن إجماله فيما يأتي:
أولا/ التشابه في النطق: فهذه الطائفة من اللغات تحتوي مثلاً على حروف حلقية مثل الحاء والعين ولا توجد في غيرها من لغات المجاميع المجاورة كاللغات الأوروبية وكذلك في حروف التفخيم كالصاد والطاء والظاء والقاف .
ثانياً / التشابه في الألفاظ: فهناك نسبة كبيرة جداً من الكلمات توجد بنفس نطقها ومعناها أو مع تغيير طفيف في هذه اللغات فألفاظ مثل: (يد، رجل، عين، أذن، بطن، رأس، زرع، حقل) والأفعال مثل: (ولد، أكل، مات، كتب، قرأ) مشتركة في أكثر اللغات السامية التي منها العربية والعبرية والسريانية.
ثالثاً / التشابه في الصرف: ولعل من أبرز خصائص الساميات وصفاتها المشتركة أن الأصل السامي يتكون من ثلاثة أصوات ساكنة، وبعضها من صوتين وصوت لين (قال – وعد) أو نصف لين، وبعض آخر يتألف من صوتين ساكنين مضعفٌ ثانيهما (قُمّ – ردَّ)[62]. وكثير من الصيغ المزيدة يشيع وجوده في هذه اللغات بنفس الصورة أو باختلاف قليل وكذلك طريقة التذكير والتأنيث، وأسماء المكان والزمان، والآلة.
رابعاً/ التشابه في تركيب الجملة: فهي تكون أسمية من مبتدأ وخبر أو فعلية؛ وكذلك تبدو وجوه شبه قوية جداً في الضمائر وأسماء الإشارة، والاسم الموصول، والظروف والحروف التي تستعمل في العطف والجر ونحوهما[63].
وأول من تنبه إلى هذه العلاقة التي بين الأمم السامية الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت175هـ) إذ ذكر في كتاب العين في مادة (كنع) ما نصه: "وكنعان بن سام بن نوح إليه يُنسب الكنعانيون وكانوا يتكلمون بلغة تقارب العربية"[64]، وقد بحث في تلك العلاقة "علماء اليهود الذين كانوا في الأندلس في القرون الوسطى، ثم جاء المستشرقون فأخذوا يبحثون في علم اللغات السامية بعناية وتوسع حتى وضحت هذه العلاقة وضوحاً تامًا"[65]. الكلام عن اللغة السامية الأم يقودنا إلى الاعتقاد "بـاللغة المشتركة (المتبناة) لدى المتحدثين في المناطق التي تتسم باتصال لغوي مكثف بين مجتمعات تتخذها وسيلة مشتركة للاتصال مثل اللاتينية في القرون الوسطى بأوروبا، والعربية في مناطق الشرق الأوسط، والسواحلية في أفريقيا ، والملايا في جنوب شرق آسيا"[66]. والتي تتحدد بحدود لغوية، و"الحد اللغوي هو الحد الفاصل بين المجتمعات المتحدثة بلغات مختلفة"[67]، وكما أسلفنا فإنَّ من "المسلّم به الآن لدى معظم المحدثين من علماء الاستشراق أن اللغة العربية قد احتفظت بكثير من الأصول السامية القديمة في مفرداتها وقواعدها، وأنه لا تكاد تعدلها في ذلك أية لغة سامية أخرى، ويرجع السبب في هذا إلى نشأتها في أقدم موطن للساميين وبقائها في نقطة مستقلة منعزلة، فَقَلَّتْ بذلك فرص احتكاكها باللغات الأخرى ولم تذلل لها سبل كثيرة للبعد عن أصلها القديم"[68]. ولكنها تعرضت فيما بعد لموجات من التماس اللغوي بحكم عوامل التاريخ والجغرافية، والتغيرات السياسية والفكرية، و"التماس اللغوي(Contact) هو تأثيرات اللغات المختلفة بعضها في بعض نتيجة احتكاك الناطقين بهذه اللغات. ويتميز التماس اللغوي بثنائيات اللغة والقرض اللغوي والتبادل اللغوي المتأثرة بالتعلم عن طريق الترجمة، وفي بعض الأحيان قد يؤدي تمازج اللغات المختلفة إلى لغة مولدة أو لغات هجينة"[69]، "فمن تدبّر العربيّة والعبرانيّة والسريانية أيقن أن اختلافها من نحو ما ذكرنا، من تبديل ألفاظ الناس على طول الأزمان واختلاف البلدان ومجاورة الأمم ، وأنها لغة واحدة في الأصل"[70]. وقد تفرد الدكتور جواد علي برأي في كتابه المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام فهو يرى أن الساميّة لا تدل على جنسٍ بعينه وإنما تدل على وصف لمجموعة ثقافية معينة، وهذا الأمر جعل الدراسات السامية المقارنة تسير على وفق نزعات متطرفة لا تخدم العلم نفسه[71]، وصلت بالباحثين إلى تبني تسمية أخرى للساميات إذ أطلقوا عليها تسمية (اللغات الجزرية)[72] نسبةً إلى جغرافيا الجزيرة العربية ولعل من أشهرهم د. سامي سعيد الأحمد و د. كَاصد الزيدي وكذلك الدكتور نائل حنون[73]. ونحن نعتمد تسميتها بالسامية؛ لأنها أقرب إلى الواقع، وألصق بالموضوعية، فالحبشية والآرامية - لغة الرها الداخلة اليوم ضمن حدود الجمهورية التركية - لا تشملها الجغرافيا الجزرية وقد أسلفنا أن الساميات انتشرت إلى حدود أرمينيا من جهة الشمال الشرقي. وفي اختلاف الألسنة قال ابن الإعرابي: "واللغة أخذت من هذا، لأنَّ هؤلاء قد تكلموا بكلام مالوا فيه عن لغة أولئك"[74]، والمقصود بهذا الميل، هو التمايز بالحرية الذي يستوعب اختلاف اللغات كما يستوعب تطورات معنى اللفظ الواحد، سواء أكانت لهجة تجلّي الفكرة بأكثر من لفظ، أم لجهة تجلّي عدة أفكار بلفظ واحد[75].
آن لنا بعد هذا التجذير أن ننتقل إلى تفصيله وقد اخترنا أهم اللغات السامية التي أثرت في لغتنا العربية، للتعريف بها وتأصيلها على وفق ما جاء في الأبحاث العلمية في حقل علم اللغة التاريخي معتمدين آراء كبار العلماء والمستشرقين الذين كان لهم النصيب الأوفر في ذلك من أجل الخلوص إلى أصول بعض المفردات التي سيتكفل بحثنا هذا بتأصيلها.
                                                                                   
اللغة الأكدية: (ليشانوم أكّاديتوم)[76] أي اللسان الأكدي وقد ظهرت هذه التسمية في العام 1852م على لسان العالم روبنسون الذي اعتمد نتائج الاستكشافات الأثرية على يد مجموعة من علماء الحفريات والتاريخ[77], فمنذ أواخر الألف الرابع قبل الميلاد بدأ زحف الساميين من شبه الجزيرة نحو سهول العراق، فعاشوا أولاً بجانب السومريين، وتعلموا كتابتهم وتدينوا بدينهم وتكلموا بلغتهم، كما أنهم سجلوا اللغة الأكادية منذ ذلك الوقت، وابتلعوا السومريين سياسياً وعنصرياً، وظلت الأكادية تصارع الانقراض حتى بعد سقوط نينوى عاصمة الآشوريين أمام الغزو الفارسي بقيادة (قورش) سنة 538 قبل الميلاد، فامتدت بها الحياة بين الكهنة والعلماء والفلكيين والأطباء والمنجمين بل بين بعض طبقات الشعب إلى ما قبل ميلاد السيد المسيح بقليل[78]. وأكد أو أكَّاد منطقة في وسط بلاد ما بين النهرين[79]، وقد أطلقت لاحقاً على بلاد بابل، واللغة الأكَّادية هي أقدم اللغات السامية الشرقية التي تكلم بها الساميون القدامى واعتمدت في كتابتها الخط المسماري السومري، الذي اخترعه السومريون قرابة العام (3400 ق.م)، وتُعرف الأكَّادية آنذاك بالأكَّادية القديمة، وانقسمت إلى لهجتين أو لغتين هما: الآشورية والبابلية، اللتين تطورتا بفعل أحداث الزمن وتداخل اللغات. واللغة الأكادية لغةٌ معربةٌ، أي إنها خاضعة لقواعد الإعراب كاللغة العربية، إلا أنها وبفعل مجاورتها للغة السومرية -الأسبق منها من حيث التكوّن والتكوين- استعارت منها العديد من المفردات وتأثّرت بقواعدها أيَّما تأثّر بل وفقدت عدداً من أحرف الحلق، وأهملت المسند إليه في نهايات الجمل الفعلية كما تبنت طرقاً غير سامية في اشتقاق الاسم، وقد انتهى بها الأمر إلى التأثر باللغة الآرامية التي حلت مكانها في نهاية القرن السادس قبل الميلاد[80]. وما تبقى من الآشورية تأثر بلغات ولهجات أخرى مولداً لغةً وسيطة تعرف بالكلدانية، لغةً للطقوس الدينية، وهي امتداد صامدٌ للغة الأكَّادية التي ما تزال بقاياها حية إلى يومنا، ومن آثارها الصوتية الباقية كسر الحرف الأول من الكلمات كما في لهجة منطقة العمارة بالعراق في قولهم: (بِيت) في لفظ كلمة (بَيت)[81].
اللغة الآرامية: وهي لغة ساميّة شرق أوسطية شديدة القرابة من الفينيقية والعبرية التي تفرعت عليها، وتحتوي على بعض خواص اللغة العربية وكانت الآرامية لهجة القبائل البدوية، انتشرت في القرن الثامن (ق.م) بفضل الفتوحات الآشورية والبابلية فحلّت مكان الأكدية كما أسلفنا، كلغة دبلوماسية[82]. و"في العصر الذي سيطرت فيه اللغة الآرامية، أثرت هذه اللغة تأثيراً كبيراً في مفردات اللغة العربية، فكلما بحث المرء بعناية كلما عرف أن كثيراً من الكلمات العربية التي تدل على مفاهيم حضارية مستعارة من الآراميّة، وقد اشترك التأثير الحضاري الشمالي الذي يظهر في هذه الاستعارة، كثيراً في إنضاج العرب ليكونوا قادرين على دخول عالم التاريخ"[83]. وما تزال بقاياها موجودة ومؤثرة في اللهجات العامية، وخصوصاً فيما يتعلق بالحِرف والصناعات، جنباً إلى جنب مع بقايا السومرية والأكادية اللتان تحتلان الأغلب الأعم من ألفاظ الزراعة ولوازمها .
لقد كانت الآرامية من الأهمية في مكان؛ لأنها كانت اللغة المنتصرة في حينها، ولتعلقها بالطقوس والنصوص الدينية وقد قسمها بعض العلماء[84] إلى لهجات وأنماط فمنها آرامية النقوش التي ترجع إلى القرن التاسع (ق.م) وقد بدا تأثرها بالكنعانية واضحاً، وكانت سائدة في الإقليم الشمالي وكذلك الآرامية الفارسية التي سادت في مناطق آسيا الصغرى ، وقد امتدت إلى مصر فوجدت حروفها على ورق البردي وترجع هذه النصوص إلى القرن الخامس (ق.م) ، وآرامية الكتاب المقدس وهي أيضاً أثر من آثار ازدهار الآرامية بين اليهود في ظل الحكم الفارسي وأشهر نصوصها ما جاء في سفر عزرا، وسفر دانيال[85]. والآرامية اليهودية التي تُرجم بها الكتاب المقدس اليهودي، إذ دعت إليه الحاجة بعدم أصبح الشعب اليهودي يجهل اللغة العبرية ويحتاج ترجماناً ليفهم معاني ألفاظها. ومن لهجاتها أيضاً الآرامية المسيحية الفلسطينية وهي لغة المسيحيين الملكانيين في فلسطين إذ كتبوا بها ترجمة الكتاب المقدس عن اليونانية بعد انفصالهم عن الكنيسة السريانية ، ولهجتهم تشبه الآرامية اليهودية في الترجوم. والآرامية النبطية وكان النبط قد أخذوا الأبجدية التي تلقاها الآراميون من الفينيقيين ثم طوروها وحوّلوها من كتابة منفصلة الحروف إلى كتابة متصلة الحروف ومنهم أخذ العرب الكتابة التي ما زلنا نستعملها إلى اليوم[86]. والآرامية التدمرية التي انتشرت في حدود القرن الثالث (ق.م) وأسم تدمر نطق آرامي لكلمة (تتمر) العربية ومعناها المدينة التي يكثر فيها التمر والنخل وقد طوّر التدمريون الكتابة الآرامية وعنهم انتقلت إلى السريان في (الرُّها) فظهر منها الخط السرياني القديم . والآراميات الشرقية تضم مجموعة لغات ولهجات منها آرامية التلمود البابلي، التي سادت في القرن الثالث (ق.م) والتلمود هو شرح المشنا الذي تعاقبت عليه أجيال من الرواة والأحبار اليهود في مدارس العراق. ومن آراميات الشرق آرامية الصابئة أو ما تسمى بالمندائية، وهي لغة الصابئة وهي طائفة تتأرجح بين اليهودية والمسيحية وتعتقد بنبوة يحيى بن زكريا عليهما السلام، أما المندائيون الحقيقيون فقد تأثروا بالكلدانية أيما تأثر[87].
اللغة السريانية: هي إحدى اللغات السامية القديمة المحكية في بلاد ما بين النهرين الشمالية، تُنسبُ هذه اللغة إلى المجموعة الآراميّة، وتتحدر من الآرامية الشرقية، نشأت وترعرعت في الإقليم الذي تقع فيه مدينة (الرُّها) وكانت تسمى عند الرومان (إديسا) وأسمها الحالي (أورفا) في جنوب شرق تركيا قريباً من الحدود السورية، وترجع أهميتها إلى فترة القرن الثاني (ق.م) إذ نشطت اقتصادياً وسادت ثقافياً، خصوصاً بعد رسالة السيد المسيح عليه السلام[88]، فقد استعملت في ترجمة كتاب العهد القديم، وكُتبت بها المؤلفات الفلسفية، وامتد ازدهارها حتى القرن السابع الميلادي. والسريانية تسميةٌ تتعلق بالدين المسيحي تعلقاً عقدياً، أطلق للتمييز عن الآرامية الوثنية واليهودية، "لاسيما أن لفظ (آرامي) كان قد اتخذ في أذهان العامة في هذا الإقليم مدلولاً يشبه لفظة (جاهلي) عند المسلمين أي لا يؤمن ويعبد الأصنام"[89]. وقد بلغت ذروتها في القرن الثاني الميلادي، فقد استعملت في ترجمة كتاب العهد القديم، فأصبحت هذه اللغة أهم لغات الإمبراطورية الشرقية بعد اللغة الإغريقية وقد أصبحت اللغة التقليدية لمسيحيي سورية، ونقلها المبشرون النسطوريون معهم إلى أقصى الشرق حتى بلغت الصين[90].
لقد جعلنا الحديث عن السريانية منفصلاً عن أمها الآرامية، فهي لهجة تطورت حتى ارتقت إلى مستوى اللغة، ولما لها من أهمية بالغة في مراتب التأثير والتأثر بالعربية الفصحى، ونظرة بسيطة لأبجديتها الكتابية تجدها شديدة القرب من أشكال الحروف العربية وطريقة كتابتها وتشكيلها، كما يتضح في الشكل المجاور، إذا ما قورنت هذه النسخة بالنسخ القديمة للمصحف الشريف كتلك التي تُنسب إلى لخط الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.
إن من الراجح عند الباحثين عن أصول الكتابة العربية أنها مشتقةٌ من الكتابة النبطية[91] القريبة جداً من أختها السريانية وهما بطبيعة الحال بنات الآرامية، ولم تكتف علاقات التأثر والتأثير عند حدود الحرف بل تعدت ذلك إلى حيثيات الدرس اللغوي في بناء الألفاظ والتراكيب، ودلالتها، مما دعا إلى وجود درس مقارن يمكن تلمس بوادره منذ بداية الدعوة الإسلامية إذ كان لوجود الديانتين الإلهيتين (اليهودية والنصرانية) أثر في ذلك فقد كثرت لقاءات الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلم باليهود والنصارى وجرى له معهم مناظرات ومحادثات كثيرة ولعل موضوع المعرب في كتاب الله (القرآن الكريم) وما حمله من آراء مختلفة فيه بادرة أولى لهذا الدرس المقارن، ومن أهم ما ورد في هذا الباب كتاب (اللغات في القرآن) المنسوب لأبن عباس رضي الله عنه، ويُعد كلامُ أبي عمر بن العلاء (ت134هـ) المشهور (ما لسان حمير وأقاصي اليمن بلساننا ولا عربيتهم بعربيتنا) أول الإشارات اللغوية في الدرس اللغوي العربي للمقارنة وتبعه على ذلك الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت175هـ)إذ وردت إشارات مهمة للغات الأخرى من الساميات في كلامه في العين[92]، وهناك "كلمات يجزم علماء الإفرنج أنها ليست عربية الأصل لأنها تدل على معان عمرانيّة أو دينية أو علمية غير مألوفة عند العرب فينسبونها إلى الآرامية أو إلى العبرية"[93].
اللغة العبرية: وهي من الفرع الكنعاني من اللغات السامية الشمالية الغربية الذي يضم اللغات الفينيقية والأوغاريتية، وكانت هذه اللغة تعرف لدى مؤلفي كتاب العهد القديم بسم (لسان كنعان) أو لغة اليهود، على الرغم من العقدة النَسبية التي أوجدها اليهود تجاه الكنعانيين في سطور العهد القديم[94]، وقد أُطلق عليها اسم (اللغة العبرية) في القرن الثاني الميلادي في كتاب (المشنة)[95]. وما هذه اللغة إلا تطوراً للغة سكان بلاد كنعان الأصليين قبل مجيء اليهود إلى هذه المنطقة، فالتارحيون - نسبة إلى(تارح) والد إبراهيم عليه السلام وهو من أحفاد سام – القادمون من حرّان كانوا يتكلمون الآرامية وقد أهملوا لغتهم وتبنّوا اللغة الكنعانية وقد مرت اللغة العبرانية بأطوار في العصور السامية القديمة قبل أن تتخذ صوتها الحديثة[96]. وقد سُميت بالعبرية نسبة لبني عابر، إذ جاء في سفر التكوين: "بنو سام: عيلام، وأَشور، وأرفكشاد، ولود، وأرام... أرفكشاد أنجب شالح وشالح أنجب عابر"[97]، مضافاً إلى تفصيلٍ أورده كتاب العهد القديم، لم يَرُق لأرباب النزعة القومية، إذ وجدوا (عيلام)[98] من أبناء سام وهم يبحثون عن أية علامة تاريخيةٍ تبعدهم عنه؛ عناداً وابتعاداً، فأطلقوا تسمية (اللغات الجزرية) معتمدين جغرافيا المنطقة، و وقعوا في محذور أخوَّة اليهود أو بني عابر.
لقد أوردنا البحث المبتسر في اللغة العبرية؛ لأهميتها، وكونها اللغة السامية التي ما تزال حية – على الرغم من تغير ملامحها - جنباً إلى جنب اللغتين السريانية والعربية، ومجموع هذه اللغات بقي على قيد الحياة لدواعٍ دينية، إذ اختصَّ كلٌ منها بشريعة سماوية معينة. والراجح لدى الباحثين في هذا الحقل أن العبرية استعملها اليهود لمدة 1300سنة[99]، قبل أن تتعرض للاكتساح اللغوي الآرامي "وقد حدث مثل ذلك في اللغات السامية المختلفة، فكانت الواحدة منها تندمج في الأخرى وتمحى أمامها في الحادثات والمخاطبات العادية بين الجماهير، ولكنها تبقى مستعملة في النقوش والتدوين برهة بعد ذلك، كما وقع للغة العبرية حين تغلبت عليها الآرامية واكتسحتها حتى صار اليهود في عصور معينة لا يتكلمون إلا الآرامية ولكن أحبار اليهود كانوا يحرصون على العبرية كل الحرص فيستعملونها فيما يكتبون وينشئون ولما أن خفت وطأة الآراميين وتقلص نفوذهم هبت العبرية في وجه الآرامية واستعادت لنفسها مجال المحادثات العامة والمخاطبات العادية"[100].
يرى بعض العلماء[101] أن العبرية والعربية يرتبطان بأصل اشتقاق الكلمة، فـ(عـَرَب): كلمةٌ كانت مستعملة في اللغة العبرية القديمة لتدل على أهل العَرَبة (الصحراء) أي لنوع خاص من قبائل الجزيرة العربية، في حين كان لأهل المدن والعمران أسماء أخرى جاءت في كتب اليهود القديمة، إن كلمة عِبْري تؤدي المعنى الذي تؤديه كلمة (عَرَبي) نفسها أي أن العربيين هم قبائل رحل كانت تنتقل بخيامها وإبلها من مكان إلى آخر، وكان هذا الاسم يُطلق على بني إسرائيل وعلى غيرهم من القبائل الرحل التي كانت في جهات طور سينا وبادية سوريا وفلسطين. وكلمة عبري - كما أسلفنا - مشتقة من الثلاثي (عَبَرَ) الذي معناه بالعبرية والعربية ذهب ورحل وقطع مرحلة من الطريق ونعتقد أن كلمة عبري وعربي مشتقتان من ثلاثي واحد هو (عـَبَرَ)، وإذا قلنا إن اللفظ (عبري) لم يكن ليدل قديماً على لغة بل على أقوام فإننا كذلك نميل إلى أن لفظ (عربي) لم يكن يدل على لغة العرب بل على قبائل معينة، ثم لما شاعت لغة شمال الجزيرة التي كان أغلب عناصرها من الأعراب سميت اللغة باسم هذه الطوائف البدوية في العصور القريبة من الإسلام واللغة العربية الباقية هي مزيج من لهجات مختلفة بعضها من شمال الجزيرة وهو الأغلب وبعضها من جنوب البلاد اختلطت كلها بعضها ببعض حتى صارت لغة واحدة[102]، كما سيأتي. ففي بغداد كان اليهودي سعديا سعيد بن يوسف الفيومي،(ت945م) يرأس الحركة العلمية واللغوية العبرية، وكان يتتلمذ على اللغويين العرب ويحذو حذوهم، بل كان يفسر الألفاظ العبرية المشكلة في التوراة بما يقاربها في اللفظ العربي. وقد ترجم الكتاب المقدس اليهودي (التوراة، الأنبياء، كتب الحكمة) إلى اللغة العربية وكان يختار أقرب الألفاظ العربية من نطق اللفظة العبرية كلما أمكنه ذلك[103].
اللغة العربية: هي اللغة الفصحى التي نستخدمها في الكتابة والخطابة والتأليف، وهي الكلمات التي يعبر بها العرب منذ أن عرف تاريخهم ونسبة هذه اللغة إليهم، وأول من أنطق الله سبحانه وتعالى لسانه بلغة العرب يعرب بن قحطان وهو أبو اليمن كلهم وهم العرب العاربة، ونشأ إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام معهم فتكلَّم بلسانهم فهو وأولاده العرب المستعربة[104]. "وقد روي عن ابن عباس: أول من تكلم بالعربية المحضة إسماعيل. وأراد به عربية قريش التي نزل بها القرآن، وأما عربية قحطان وحمير فكانت قبل إسماعيل عليه السلام. فلابد من التوقيف في أصل اللغة الواحدة؛ لاستحالة وقوع الاصطلاح على أول اللغات من غير معرفة من المصطلحين بعينِ ما اصطلحوا عليه، وإذا حصل التوقيف على لغة واحدة جاز أن يكون ما بعدها من اللغات اصطلاحاً، واختلفوا في لغة العرب، فمن زعم أن اللغات كلها اصطلاح فكذا قوله في لغة العرب، ومن قال بالتوقيف على اللغة الأولى، وأجاز الاصطلاح فيما سواها من اللغات اختلفوا في لغة العرب، فمنهم من قال: هي أول اللغات، وكل لغة سواها حدثت بعدها إما توقيفاً أو اصطلاحاً، واستدلّوا بأن القرآن كلام الله وهو عربي، وهو دليل على أن لغة العرب أسبق اللغات وجوداً. ومنهم من قال أن لغة العرب نوعان:
أحدهما: عربية حمير: وهي التي تكلموا بها من عهد هود ومن قبله وبقي بعضها إلى وقتنا.
وثانيهما: العربية المحضة: التي نزل بها القرآن وأول من أنطق لسانه بها إسماعيل، فعلى هذا القول يكون توقيف إسماعيل على العربية المحضة يحتمل أمرين: أمّا أن يكون اصطلاحاً بينه وبين جرهم النازلين عليه بمكة ، وإما أن يكون توقيفاً من الله تعالى وهو الصواب"[105].
والعربية على ما يظهر هي أقرب لغات المجموعة إلى اللغة السامية الأم، على أن هناك من ذهب إلى أن العربية هي الأقرب ومن ذهب إلى أن الآشورية البابلية هي اللغة السامية الأولى، إلا أن إجماع العلماء بعد ذلك على أن العربية هي أقدم اللغات السامية وأقربها إلى الأم واعتقادهم بأن الآراء الأخرى إنما ناشئة من باعث ديني فيه تقديس للعبرية والآرامية[106]. وتطرف آخرون بقولهم: "إن اللغة البابلية لغة عربية أثلاً (أي أصلاً) وهي ملأى بالمفردات العربية ويدل ذلك على قدم العربية واكتمال صيغها واشتقاقها منذ ذلك العهد السحيق أي قبل أكثر من 4 آلاف سنة"[107]. ويؤكد نولدكه ذلك فيقول "حقاً لقد احتفظت العربية أكثر من أخواتها بكثير من الصور الصادقة لعناصر اللغة الأولى... والعربية قد بنت بطريقة القياس البسيط عدداً كبيراً من الصيغ التي تبدو لأول وهلة كأنها صيغ قديمة الأصل؛ لشدة بساطتها، ولكنها ليست في الواقع إلا تحويراً للأصل... ويوجد في العربية دائماً أبداً اضطراد معين ما كان ليوجد فيها هكذا منذ البداية"[108].
تعددت الآراء في بحث أصل العربية واختلفت فيما بينها، وكانت رؤى المستشرقين كما يتبين: فيرى نولدكه: الفصحى تركَّبت من اللهجات الأساسية في جزيرة العرب كالحجاز ونجد وإقليم الفرات، لأن الاختلاف بين هذه البيئات قليل، و وافقه جويدي في هذا التوجه. أما نالينو: فذهب إلى أنها تولدت من إحدى اللهجات النجدية، وتهذبت في زمن مملكة كندة، ثم صارت اللغة الأدبية السائدة بين العرب، أما فيشر: فقد ذهب إلى أنها لهجة معينة ولكنه لم ينسبها إلى أية قبيلة من قبائل العرب. ويرى فولرز: أنها لهجة أعراب نجد واليمامة وقد أدخل الشعراء عليها تغييرات كثيرة وزعم أن بقية بلاد العرب كانت تتكلم بلغة مخالفة. وهناك من زعم بأن الفصحى لم تكن لغة كلام بل هي لغة فنية قائمة فوق اللهجات وهذا رأي بروكلمان ومارسيه[109].
ويرى أكثر الدارسين والباحثين أنها لغة انتقائية مشتركة تشكلت أصولها وتوضَّحت مقاييسها لدى قبيلة قريش. ورأي الدكتور رمضان عبد التواب أن اللغة العربية المشتركة ليست لهجة قريش وحدها بدليل وجود الهمز فيها وقريش لا تهمز، ويرى الدكتور تمام حسان أن الفصحى لغة العرب جميعاً نمت في المجتمع العربي في عمومه لا في قبيلة بعينها وتقبلت في نموها عناصر لغوية من جميع اللهجات العربية حتى بدت قريبة إلى كل لهجة[110]، وفي كتب فقه اللغة ما يجعلنا في مندوحة عن الخوض في تفاصيل هذا الأمر، وكان رأي الدكتور داود سلوم رحمه الله في عموم الساميات - والعربية منها- أنه "لا يمكن أن نفسر تعدد اللغات السامية التي يحصيها علماء الساميات إلا على أنها لهجات مختلفة انشقت كلها من لسان واحد فتباعدت هذه اللهجات بالهجرة والانقطاع، فبقيت مشتركة في بعض الأصول والأسس، وإن اختلفت في كثير من المفردات... وكلما ابتعدت اللهجات عن بعضها في الموقع الجغرافي والزمني اشتد هذا الخلاف وبدت صلة القربى بعيدة إلى حدٍ ما، وبمرور الزمن نمت شخصية هذه اللهجات المنفصلة في الزمن الموغل في القدم فاتخذت هيئة اللغة المستقلة وهذا هو الذي يفسر الخلافات بين العبرية والحميرية والأكدية والعربية وغيرها من اللغات السامية المتعددة[111]. ويؤكد ابن جني (ت392هـ) أن العربية الفصحى خليط لغوي وأن هذا هو التفسير المنطقي الوحيد لتعدد صيغها وكثرة الشذوذ في تقابل الحركات بين صيغها[112]. وإن ما يعنينا حَـقاً هو بحث المعالم السامية في اللغة العربية التي صدَّرنا القول في مظانها منذ البداية.
من مميزات اللغة العربية أنها تشتمل على عناصر قديمة جداً من اللغات السامية الأصلية وهذا يدل على أن اللغة العربية كانت موجودة في مهد اللغات السامية أو في ناحية قريبة منه أو أن العناصر التي نزحت إلى بلاد العرب كانت أقدم الأمم السامية، وأثرت فيها أيما تأثير وقد "عَظُمَ تأثير العرب في النبط الآراميين فكان ذلك من أهم الأسباب التي حملتهم على نسيان لغتهم الآرامية وإيجادهم لأنفسهم مزيجاً من لغة الآراميين والعرب ولم يكن هذا المزيج مفهوماً عند العرب فأطلقوا عليه (الرطانة النبطية)"[113]، التي أخذت تضمحل فجأة بعد ظهور الإسلام وظهرت اللغة العربية بمظهر القاهر لأمم الشرق الأدنى[114].
لقد سلكَ المستشرقون - أثناء بحثهم في تاريخ نشأة اللغات السامية - مسلكاً علمياً دقيقاً إذ ابتدأوا بأقدم آثارها ثم انتقلوا من القديم إلى الحديث، ولكنهم لما شرعوا يبحثون في نشأة اللغة العربية حادوا عن هذا المسلك الحق واتبعوا خطة غير قويمة تنبه لها بعضهم بعد ذلك أثناء بحثهم في الشعر العربي الجاهلي، وقد أخطأوا حينما ظنوا أن الشعر العربي الجاهلي هو الركن الركين لهذه اللغة والأصل القديم لجميع لهجاتها، ثم انتقلوا منه إلى الآثار العربية الأخرى، فالمسلك الحق والخطة المثلى للبحث في هذا الموضوع إنما هي البدء بالقديم، لكن ما هو القديم[115] ؟. فلا شك ولا ريب أن صحف القرآن الكريم هي أقدم صحف مدونة كاملة وصلت إلينا عن اللغة العربية قبل أن تصل إلينا قصائد مدونة من الشعر الجاهلي، فصحف القرآن هي التي يجب البدء بالبحث فيها عن نشأة اللغة العربية[116].
إذا عرفنا أن لغة القرآن الكريم كانت مفهومة في مكة ويثرب والطائف وجميع مدن الحجاز، يلزمنا أن نقول أنها أقدم ما وصل إلينا من اللغة العربية المتداولة لدى الطبقات المفكرة في شمال الجزيرة عامة والحجاز خاصة وتتمثل لنا هذه اللغة واضحة في آياته، فقد كانت وفود العرب الآتية من أقاصي بلاد الحجاز ونجد تستمع تلك الآيات وتفهمها وتتأثر بها، مع أنها تمتاز عن اللغة العامة التي كانت شائعة بمكة، فإنّ القرآن أصدق مقياس للبحث في لغة العرب في عصور ظهور الإسلام، وإن لم يكن يشتمل على جميع الكلمات العربية لأنه بطبيعة الحال أخذ من الألفاظ ما يناسبه وترك ما لا يناسبه. وما يقال من أنَّه نزل بلغة قريش إن كان المقصود منه أن الرسول كان ينطق القرآن بلهجة قريش التي هي لهجة جميع أهل مكة فصحيح، وأما إن كان المراد أن قريشاً كانت لها لغة علمية خاصة بأصحاب الخطابة والكهانة والشعر دون سواهم من القبائل فليس بصحيح؛ لأنه يضيق من دائرته ويقلل من عدد الذين كانوا يفهمونه من العرب والواقع يخالف ذلك، وقد رأى المستشرق نولدكه أن هذه الفكرة نشأت في العصر الأموي لإظهار تفوق قريش على بقية البطون العربية في كل شيء لعلاقتهم بالنبوة[117]. وقد أَّثر القرآن أثره الشديد في جميع اللهجات العربية في جميع أنحاء الجزيرة فقد بدأت تتبلبل وتضطرب وتنجذب بقوة إلى لغة القرآن الكريم حتى اندمجت كلها في لهجته التي هي لهجة الحجاز كما كان ينطقها خاصة أهل مكة[118].
إنَّ علوم القرآن فرضت على المسلمين أن يعمدوا إلى كتاب الله فيفسروه ويتعقبوا ألفاظه، وكانت الحاجة إلى معرفة لغة القرآن وغريبه سبباً في خوضهم في بحوث لغوية عن المعنى والدلالة. فأبو عمر بن العلاء (ت 154هـ) أحد علماء العربية الأولين كان يعتبر لغة القرآن ودراسة معاني ألفاظ القرآن هدفاً لكل مسلم، ومن أجل ذلك استعانوا بالشعر في شرح وتفسير لغة القرآن وقد انتهى البحث في لغة القرآن إلى القول بأَن فيه كلمات أعجمية الأصول عربية الألفاظ، ولم يكن القول بعجمة لفظٍ من ألفاظ العربية عند الأقدمين مبنياً على البحث والدرس أو قل أن القائلين بهذا على علم بلغات غير عربية من لغات الأعاجم، وإنما كانت أقوالهم مبنية على الظن والتوهم، وعندهم أَنَّ كل كلمة لم يشتهر فيها استعمال جاهلي دخيلةٌ، وإذا كانت دخيلة فهي أنْ تكونَ عند أحدهم: فارسية، وعند آخر عبرانية، أو سريانية، أو حبشية، ولم يهتدوا إلى أن بين العربية والعبرانية والسريانية والحبشية ولغات أخرى علاقات وقرابات لغوية مردها الأصول السامية الأولى التي دل عليها البحث الحديث، وربما عزوا كلمات دخيلة إلى العربية وأخضعوها لقوانين الاشتقاق في العربية[119]. "بيد أن الذين أقاموا أنفسهم حماة للعربية في جميع أطوارها لم يتفهموا سنة التطور ولم يقبلوا الجديد. فاللغويون والنحويون من العرب يحصرون الفصيح من اللغة بعصور معينة لا تتعدى صدر الإسلام، وهذه الحقيقة هي ما يصح أن يُحتج بكلامها"[120].
تأصيل الكلمات العربية والدخيلة والأعجمية:
ويمكنُ تأصيل الكلمات العربية الموسومة في معاجمنا بالدخيل والأعجمي، وحصرها إجمالاً في الأصناف الآتية:
أولاً/ كلماتٌ بقيت حية في الاستعمال في العربية المحلية وبوجه خاص في العراق على هيئة رواسب لغوية، وتخص طائفةً مهمة منها شؤون الفلاحة والزراعة والري والبساتين وكثير منها خاص بعاميّة العراق وقد توارثتها الأجيال الفلاحيّة من العراق القديم جيلاً عن جيل[121]. وأكثر المعاني الأصلية أو الاشتقاقية في اللغة العربية باقية مستعملة، بخلاف أكثر اللغات الحية فكثير من معاني مفرداتها الأصلية قد اختفت وراء المعاني الجديدة[122].
ثانياً/ مفردات لا يُشك في أصلها الأجنبي دخلت إلى العربية عن طريق اليونانية واللاتينية والفارسية القديمة والمتأخرة[123].
ثالثاً/ مفردات آراميّة (سريانية) كثيرة شاعت في الاستعمال على أثر انتشار الآرامية في أقطار الشرق الأدنى منذ الألف الأول (ق.م)، وأنتقل الكثير من هذه الكلمات إلى اللغتين البابلية والآشورية من بعد استيطان عدة قبائل آرامية في بلاد الشام، وما بين النهرين، وتغلغل بعضها إلى الأجزاء الوسطى والجنوبية من وادي الرافدين، وكوَّنَتْ دويلات اشتهرت منها الدولة البابلية الحديثة أو الكلدانية (627- 539 ق.م) التي أسسها الملك الآرامي الأصل "نبوبولاصر" وخلفه ابنه الشهير "نبوخذ نصر" الثاني (604- 562 ق. م) ومع أن هذه الدولة المشهورة وغيرها من الدويلات التي سبقتها رغم أصلها الآرامي قد دونت شؤونها المختلفة بالخط المسماري واللغة البابلية، ولكن اللغة الآرامية انتشرت مع ذلك في استعمال الناس كما أنها أثرت تأثيرات كبيرة في اللغة البابلية نفسها في أساليب التعبير والتعبيرات النحوية بالإضافة إلى استعارة كثير من المفردات الآرامية فظهر في البابلية مفردات لم تكن معروفة في العصر البابلي القديم[124].
وسواءٌ أكانت العربية الأم الكبرى للغات السامية أم البنت الصغرى لها، فحسبها وحسب الناطقين بها شرفاً إجماع المستشرقين المنصفين على أن أهلها قدموا للبشرية أكثر من موجة مهاجرة، شادت أكثر من حضارة، وابتكرت أكثر من لغة، بعضها ساد ثم باد، وبعضها ما يزال حياً قوياً يثبت حيوية هذه الفصيلة من البشر ومن الألسنة كما يبرهن على خصبها الحضاري المتجدد الذي لم ينفد مخزونه منذ أربعين قرناً حتى يومنا هذا[125]. فبعد نزول القرآن وانتشارها، والخوف على فسادها، قام النحويون البصريون والكوفيون يؤسسون قواعدها على القصائد ويقصدون الصحاري ليتلقوا من أفواه البدو النهج الصحيح، القرآن ثبّت قواعد اللغة الشعرية وكرّس نقاوتها وحلَّق بها في أسمى الآفاق، وأثر هذا الكتاب يجب أن يُنظر إليه خاصة من زاوية التأثير الديني الذي سكب على لغة الشعر صفة قدسية جعلت كل مسلم عربي وغير عربي تواقاً لمعرفة اللغة وصيانتها ونشرها[126].
المعجم التاريخي للغة العربية
بعد أن أجملنا القول في مفردات التأصيل اللغوي والعربية الفصحى، نجد أنفسنا أمام ضرورةٍ معرفية وتاريخية ملحة، تفرضها مقتضيات المرحلة التي تمر بها لغتنا العربية والشعوب الناطقة بها خصوصاً بعد ثورة الاتصالات والعولمة التي جعلت من المعارف والثقافات متأثرة فيما بينها، وإن المنزلة الرفيعة التي تتبوؤها اللغة العربية كونها لغة الماضي والحاضر والمستقبل تفرض أن تلقى من علمائها الجهد الجهيد الذي يحصنها ويحفظ مزاياها من جهة ، ويجعلها في متناول المتعلمين والمتعبدين بها من جهة أخرى. فأبناء العربية قبل غيرهم يرون أنهم بحاجة إلى معجم لغوي يرصد تكوّن المفردات ويسير معها في رحلتها الطويلة الشاقة عبر التاريخ، وهذا ما لا نراه في معاجمنا، فمعاجم اللغة العربية تدوّن المعاني الأصلية الأولى للكلمة والمعاني الأخرى التي طرأت على الكلمة حتى نهاية القرن الأول للهجرة تقريباً وتقف عند هذا الحد، وأما المعاني التي طرأت بعد هذا التاريخ فليس من معجم يجمعها إلا بعض أنواع منها جمعت في كتب خاصة كمصطلحات الفقهاء أو الفلاسفة ولكن أكثرها غير مجموع، وأمام الباحثين عمل كبير في تتبع معاني الألفاظ في النصوص القديمة منذ القرن الثاني للهجرة في كتب الأدباء والمؤرخين والفلاسفة والفقهاء والصوفية ومختلف الوثائق الأخرى. ولم يرتب أصحاب المعاجم العربية معاني الألفاظ ترتيباً تاريخياً، فقد يبدأ أصحابها بالمعاني الجديدة ثم يذكرون المعاني القديمة الأصلية ونستثني من ذلك معجماً واحداً هو مقاييس اللغة لأحمد بن فارس فقد تتبع في كل مادة معانيها مبتدئاً بما سماه الأصل في كل منها ويعني به المعنى الأصلي الذي تُردُّ إليه سائر المعاني وتتفرع عنه، وقد يرد المادة إلى أكثر من أصل إذا لم يستطع أن يردها إلى أصل واحد ثم يحاول ربط المعاني الفرعية الحادثة بالمعنى الأصلي القديم ويقف كسائر أصحاب المعاجم عند العصر الذي يحتج بأهله وهو أوائل القرن الثاني للهجرة[127]. كما تجدر الإشارة إلى وجود دراسات كثيرة لعلماء اللغة في مجال أصول الكلمات العربية الأصل أو الدخيلة عبر العصور الثقافية المختلفة ولكن لا توجد معاجم مخصصة لهذا المجال اللغوي المهم جدا. ولم تنجح كل المحاولات التي جرت في القرن الماضي والحالي في تأليف معجم تاريخي تأثيلي كامل للغة العربية، وقد بدأ تلك المحاولات المستشرق الألماني أوغست فيشر (1865-1948)، في بداية العشرينات من القرن العشرين، وكما ورد في كتاب "المعجم التاريخي" للدكتور محمد حسن عبد العزيز (2010) فإن المستشرق الألماني أوغست فيشر الذي بدأ بوضع خطة لتأليف معجم تاريخي للغة العربية على أساس تاريخي سنة (1907)[128] يذكر في المقدمة التي نشرت للمعجم مشترطاً أن يشتمل المعجم على كل كلمة – بلا استثناء – وجدت في اللغة، وأن تُعرض حسب وجهات النظر الآتية:
 
  • التاريخية .Historical :
  • الاشتقاقية (التأصيلية.Etymological :(
  • التصريفية .Flexional :
  • الدلالية: . semasiological
  • البيانية. Phraseological :
  • الأسلوبية:  stylistic
 وكما نرى فإن فيشر وغيره لم يستعملوا المصطلح (تأثيل) بل المصطلح (تأصيل) وأن لفظة (تأصيل) بالنسبة له تشير إلى الاشتقاق ولكن المقابل في الانجليزية Etymological يشير إلى تاريخ الكلمة، وواضح أن هنالك خلطًا ما بين المعنى الحقيقي للتأصيل والتأثيل والاشتقاق وتاريخ الكلمات[129].
في سنة 1990 كانت هنالك مبادرة إلى إنشاء مشروع المعجم العربي التاريخي في تونس ولكن المشروع توقف، وأعيد العمل عليه في سنة 1996 ثم توقف لأسباب مادية. في سنة 2006 قرر اتحاد المجامع اللغوية والعلمية العربية إنشاء مؤسسة مستقلة تتفرغ لتأليف المعجم التاريخي للغة العربية. وفي سنة (2012) أصدرت مؤسسة البحوث والدراسات العلمية المغربية كتابًا عن "أعمال ندوة المعجم التاريخي للغة العربية - قضاياه النظرية والمنهجية والتطبيقية" جمعت فيه مداخلات الأساتذة المشاركين في ندوة المعجم التاريخي للغة العربية المقامة شهر نيسان 2010 بمدينة فاس المغربية. ولقد تناول الدكتور أحمد مطلوب موضوع المعجم التاريخي بالدرس إلا أنه قلل من أهميته فقال: "إن وضع المعجم التاريخي مهم ولكنه صعب، ولعل الأنفع منه والأيسر وضع معاجم تاريخية لكل علم أو فن تعرض فيها حياة اللفظة وانتقالها من معناها اللفظي إلى معناها الاصطلاحي.."[130].
لا شك أن إنجاز مشروع المعجم التاريخي للغة العربية سيكون حدثا عظيما في تاريخ اللغة العربية وسيكون للمعجم الذي طال انتظاره دور عظيم في معرفة أصول اللغة العربية وتطورها والتغيرات التي طرأت عليها، وكذلك سيساعد الباحثين في تقصي علاقة اللغة العربية المتبادلة مع اللغات الأخرى قديمًا وحديثًا. وكما ذكر أمين عام اتحاد المجامع اللغوية العربية، د. كمال بشر فإن المعجم سيكون سجلا للثقافة والتاريخ والحضارة والمعارف العربية وسيكون مرآة للحياة العربية بكل جوانبها وسيربط حاضر العرب بماضيهم. وأضاف أن المعجم التاريخي للغة العربية سيوضح ما حدث للكلمة العربية من تطور منذ نشأتها في مفرداتها ومعانيها المختلفة[131]. ويرتبط مشروع المعجم التاريخي بأكثر من علمٍ من علوم اللغة، ولكنه يستمد قوته من "علم السياسة اللغوي: وهو دراسة كيفية دعم لغة فصحى قومية من قبل هيأة صنّاع القرار في بلد متعدد الثقافة واللغات"[132]، وهذا لا يقتصر على بعدٍ قطري ألبته، إنما هو قضية أممية سامية لتعلقه بلغة الإعجاز القرآني الخالد، وتتسع دائرة المسؤولية اتجاه ذلك بسعة أفق الأمتين العربية والإسلامية؛ كونهما تحملان رسالة الدعوة إلى اللغة العالمية، لغة حضارة السماء التي حباها الله تبارك وتعالى بأسباب السمو وجعلها لغة دينه وترجمان دعوته ولسان أهل جنته، التي قال فيها:
{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ }[133].
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
هوامش البحث:
[1] - سورة البقرة ، الآيات/ 31-33 .
[2] - يُنظر: تأملات في فلسفة اللغة ، خصوصية اللغة العربية وإمكاناتها، د. عمر ظاهر، ص93، دار الرافدين للطباعة والنشر ، ط/1، بيروت 2008م.
[3] - يُنظر: معجم عجائب اللغة ، شوقي حمادة، ص9، دار صادر، ط/2، بيروت 2007م.
[4] - يُنظر: فقه اللغة المقارن، د. إبراهيم السامرائي، ص159- 160 ، دار العلم للملايين ، ط/2، بيروت 1978م. نقلاً عن كتاب اللغة لفندريس، ص240.
[5] - يُنظر: الخصائص، أبو الفتح عثمان بن جني (ت392هـ) تحقيق: محمد علي النجار، ص67، عالم الكتب، ط/2، بيروت 2010م.
[6] - علم اللغة ، مقدمة للقارئ العربي، د. محمود السعران، 318، دار النهضة العربية ، بيروت.
[7] - تاريخ الطبري المعروف بتاريخ الأمم والملوك، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (310هـ) تحقيق: عبد الأمير علي مهنا ، ج/1، ص127، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط/1 ، بيروت 1998م.
[8] - سورة / نوح، الأية / 26.
[9] - دراسات في فقه اللغة ، محمد الأنطاكي، 47، دار الشرق العربي ، ط/4، بيروت ، من دون سنة الطبع.
[10] - فلسفة اللغة، سيلفان أورو، ترجمة عبد المجيد جحفة، ص29-30، دار الكتاب الجديد المتحدة، ط/1، بيروت2010م.
[11] - المرجع نفسه، ص34.
[12] - العربية والإعراب ، د. عبد السلام المسدي ، ص165 ، دار الكتاب الجديد المتحدة ، ط/1، بيروت 2010م.
[13] - يُنظر: فقه اللغة المقارن ، د. إبراهيم السامرائي، ص170، دار العلم للملايين ، ط/2، بيروت 1978م. (غير أن لغتنا العربية تفتقر إلى الحلقات الأولى من تاريخها، إذ ليس لدينا نصوص وافية تشير إلى تلك المراحل التاريخية).
[14] - اللسان والإنسان مدخل إلى معرفة اللغة ، د. حسن ظاظا، ، ص126، دار القلم ، ط/2، دمشق 1990م.
[15] - اللسان والإنسان ، ص136.
[16] - الآيات الكتابية مأخوذة من الكتاب الشريف طبعة 2007 ، سفر التكوين ص10 .
[17] - سورة البقرة ، الآية 213
[18] - سورة/ الروم، الآية/ 22.
[19] - يُنظر: اللغة العبرية وظاهرة اللغات ، عبد الكريم بوفرة، بحث منشور ضمن كتاب اللغات والحضارات الشرقية نظر وتطبيق، تنسيق أحمد شحلان، و إدريس أعبيزة ، ص87، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، مطبعة: الأمنية، ط/1، الرباط 2005م.
[20] - يُنظر: بذور الكلام أصل اللغة وتطورها، جين أتشن ، ترجمة وفيق فائق كريشات، ص383، منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب، وزارة الثقافة ، من دون رقم الطبعة ، دمشق 2009م.
[21] - يُنظر: اللسان واالانسان مدخل إلى معرفة اللغة ، د. حسن ظاظا، ، ص117، دار القلم ، ط/2، دمشق 1990م.
[22] - محاضرات في علم اللغة العام، د. البدراوي زهران، ج/2، ص113-114، دار العالم العربي، ط/1، القاهرة 2008م.
[23]- يُنظر: بذور الكلام أصل اللغة وتطورها، جين أتشن، ص49.
[24]- يُنظر: التَّأثيل والتَّأصيل والمعجم التاريخي للغة العربية بحث د. نزيه قسيس على الشبكة الدولية للمعلومات في الرابط:
http://www.almawked.com/?page=details&newsID=4326&cat=2
[25]- علم الاشتقاق نظرياً وتطبيقياً ، د. محمد حسن حسن جبل ، ص182، مكتبة الآداب ، ط/3، القاهرة/ 2012.
[26]- المعجم الفلسفي، د. جميل صليبا، ج/1، ص97، منشورات ذوي القربي، ط/1، قم 1385هجري شمسي.
[27]- المرجع نفسه، ج/1، ص98.
[28]- عنف اللغة، جان جاك لوسركال، ترجمة وتقديم: د. محمد بدوي، مراجعة د. سعد مصلوح، ص351 ، المنظمة العربية للترجمة ، ط/2، بيروت 2006م
[29]- علم الاشتقاق نظرياً وتطبيقياً ، د. محمد حسن حسن جبل ، ص63.
[30]- معجم اللغة واللسانيات، هارتمان وستورك ، ترجمة د. توفيق عزيز عبد الله وآخرون، ص152، دار المأمون للترجمة والنشر، ط/1، بغداد / 2012.
[31]- عنف اللغة، جان جاك لوسركال، ص336.
[32]- معجم اللغة واللسانيات، هارتمان وستورك ، ص152.
[33]- المرجع نفسه، ص107.
[34]- معجم الصحاح ، إسماعيل بن حماد الجوهري (ت 393هـ)، عناية: خليل مأمون شيحا، ص28، دار المعرفة، ط/3، بيروت 2008م.
[35]- يُنظر: المعجم في فقه لغة القرآن وسر بلاغته ، قسم القرآن بمجمع البحوث الإسلامية، المجلد /الأول، ص294، مجمع البحوث الإسلامية ، ط/3ـ مطبعة غوتمبرغ، مشهد 1429هـ. نقلاً عن تهذيب اللغة للأزهري ج/15، ص131.
[36]- مقاييس اللغة ، لأبي الحسين أحمد بن فارس (ت395هـ)، مراجعة: أنس محمد الشامي، ص27، دارالحديث، مطبعة المدني ، القاهرة 2008م.
[37]- المعجم في فقه لغة القرآن وسر بلاغته، المجلد /الأول، ص298،.
[38]- يُنظر: التَّأثيل والتَّأصيل، في الرابط/ http://www.almawked.com/?page=details&newsID=4326&cat=2
[39] - قاموس علوم اللغة، فرانك نوفو، ترجمة صالح الماجري، ص64، المنظمة العربية للموسوعات/ مركز دراسات الوحدة العربية، ط/1، بيروت 2012.
[40] - عنف اللغة، جان جاك لوسركال، ص356.
[41] - علم الاشتقاق نظرياً وتطبيقياً ، د. محمد حسن حسن جبل ، ص69.
[42] - يُنظر: المرجع نفسه، ص279.
[43] - يُنظر: المرجع نفسه، ص186.
[44] - الدلالة المحورية في معجم مقاييس اللغة، دراسة تحليلية نقدية، د. عبد الكريم محمد حسن جبل، ص26، دار الفكر، ط/1، المطبعة العلمية ، دمشق2003م.
[45] - تأصيل الجذور السامية وأثره في بناء معجم عربي حديث، د. حسام قدوري عبد، ص26، دار الكتب العلمية، ط/1، بيروت 2007م
[46] - التصريف الملوكي، صنعة أبي الفتح عثمان بن عبد الله بن جني النحوي، تحقيق: د. البدراوي زهران، ص47، الشركة المصرية العالمية للنشر، مطبعة دار نوبار، ط/1، القاهرة 2001م
[47] - يُنظر: الفروق اللغوية، أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري (ت400هـ) ، تعليق: محمد باسل عيون السود، ص183، دار الكتب العلمية ، ط/ 3، بيروت 2005م.
[48] - يُنظر: الكليات لأبي البقاء أيوب بن موسى الكفوي (ت1094هـ) ، تحقيق : د. عدنان درويش، محمد المصري، ص100-107، مؤسسة الرسالة ، ط/2، بيروت2011م.
[49] - محاضرات في علم اللغة العام ، د. البدراوي زهران ، ج/1، ص19، دار العالم العربي، ط/1 ، القاهرة 2008م.
[50] - فقه اللغة وعلم اللغة نصوص ودراسات، د. محمود سليمان ياقوت، ص257، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية 1994م.
[51] - يُنظر: علم اللسانيات الحديثة، د. عبد القادر عبد الجليل ، ص 128-130، دار صفاء للنشر والتوزيع، ط/1، عمّان 2002م.
[52] - قصص من اللغة، عبد الحق فاضل، ص3، دار ابن الأثير للطباعة والنشر/ جامعة الموصل، ط/ 2، الموصل 2008م.
[53] - معجم اللغة واللسانيات، هارتمان وستورك، ص186. "قوة إيحاء الكلمة: قوة الكلمة أو العبارة لإحداث رد فعل عاطفي لدى السامع أو القارئ". يُنظر: المرجع السابق، ص152.
[55]- Glottology : التسمية القديمة لعلم اللغة (Linguistics)، يُنظر: المرجع السابق ،ص176.
[56] - معجم اللغة واللسانيات، ص176.
[57] - الصيغ الثلاثية مجردة ومزيدة اشتقاقاً ودلالة ، د. ناصر حسين علي ، ص61، المطبعة التعاونية بدمشق 1989م.
[58] - تاريخ اللغات السامية ، إسرائيل ولفنسون ، ص2، دار القلم ،ط/1، بيروت 1980م
[59] - يُنظر: معجم الحضارات السامية، هنري س، عبّودي، ص457، جروس برس، ط/2، طرابلس/ لبنان
1991م. ويُنظر: اللغات السامية، تيودور نولدكه ، ترجمة د. رمضان عبد التواب، ص19-26، ويُنظر: فصول من فقه اللغة العربية ، د. رمضان عبد التواب، ص38، مكتبة الخانجي، ط/7، القاهرة 2009م.
[60] - اللغات السامية ، تيودور نولدكه ، ترجمة د. رمضان عبد التواب، ص13- 14، الناشر مكتبة دار النهضة العربية ، المطبعة الكمالية / القاهرة ، من دون سنة طبع.
[61] - محاضرات في علم اللغة العام ، د. البدراوي زهران ، ج/1، ص238، دار العالم العربي، ط/1 ، القاهرة 2008م.
[62] - المرجع نفسه، ج/1، ص238.
[63] - اللسان والانسان مدخل إلى معرفة اللغة ، د. حسن ظاظا، ، ص150، دار القلم ، ط/2، دمشق 1990م. ويُنظر: محاضرات في علم اللغة العام ، د. البدراوي زهران ، ج/1، ص238.
[64] - كتاب العين ، الخليل بن أحمد الفراهيدي، تحقيق د. مهدي المخزومي، د. ابراهيم السامرائي، ج/ 1، ص205، دار الهلال، سلسلة المعاجم والفهارس، من دون الطبعة وسنتها. ( وفي الجزء المطبوع: تُضارعُ بدلاً من تقارب)
[65] - تاريخ اللغات السامية، ولفنسون، ص3، (وقد وهم في جعلهم أول من قرأ العلاقة بين الساميات فنص الخليل أسبق بطبيعة الحال).
[66] - معجم اللغة واللسانيات ، هارتمان وستورك، ص234.
[67] - المرجع نفسه: ص221 ،
[68] - فقه اللغة ، د. علي عبد الواحد وافي، ص13، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع ، ط/6القاهرة 2008م.
[69] - معجم اللغة واللسانيات ، هارتمان وستورك ، ص106.
[70] - الإحكام في أصول الأحكام ، إبن حزم الأندلسي (456هـ) ج/1، ص31، مطبعة السعادة ، مصر 1926.
[71] - المفصل في تأريخ العرب قبل الإسلام ، د. جواد علي ، ج/1، ص226
[72]- يذكر د. حسام قدوري في ذلك: "لم يرق للقوميين تسميتها بالسامية ؛لأنها جعلت من العيلاميين إخوة لهم وهو أمرٌ لا يرتضونه، فما كان منهم إلا أن أسموها الجزرية فوقعوا في محذور أشد حين جعلوا لليهود نصيباً تأريخياً في الجزيرة نفسها"، يُنظر: كتابه تأصيل الجذور السامية وأثره في بناء معجم عربي حديث، د. حسام قدوري عبد ، ص10، دار الكتب العلمية ، ط/1، بيروت 2007م.
[73] - يُنظر: فقه اللغة العربية د. كاصد ياسر الزيدي، ص76، دار الفرقان ، ط/1، الأردن 2005م.
[74] - تهذيب اللغة، الأزهري،ج/12، ص270.
[75] - يُنظر: اللغة العربية وقيم الأصول، د. ميشال اسحق، ص86، مؤسسة دار الريحاني للطباعة والنشر، ط/1 بيروت 1999م.
[76] - يُنظر: اللسان الأكادي، د. عيد مرعي، ص31، منشورات الهيئة السورية للكتاب، دمشق 2012م.
[77] - يُنظر: الساميون ولغاتهم ، د. حسن ظاظا ،ص 25، دار القلم، ط/2، دمشق1990م. ويُنظر: الحضور الأكدي والآرامي والعربي الفصيح في لهجات العراق والشام العامية ، علاء اللامي، ص51 وما بعدها، دار المأمون للترجمة والنشر، مطبعة الوقف الحديثة، بغداد2012م.
[78] - يٌنظر: اللسان والانسان مدخل إلى معرفة اللغة ، د. حسن ظاظا، ، ص136، دار القلم ، ط/2، دمشق 1990م.
[79]- يظن د. فوزي رشيد أن مدينة أكد عاصمة السلالة الأكدية تقع في منطقة اليوسفية التي تتوسط المسافة بين بغداد وبابل. يُنظر: قواعد اللغة الأكدية ، د. فوزي رشيد، ص11، دار صفحات للدراسات والنشر ، ط/ 1، دمشق 2009م.
[80] - يُنظر: معجم الحضارات السامية، عبّودي، ص115 وما بعدها.
[81] - يُنظر: المصدر السابق، ص720. وينظر: الحضور الأكدي والآرامي والعربي، علاء اللامي، ص51 وما بعدها.
[82] - معجم الحضارات السامية ، هنري س. عبّودي، ص18، جروس برس ، ط/2طرابلس /لبنان 1991م.
[83] - اللغات السامية ، نولدكه، ص74،
[84] - يُنظر: الساميون ولغاتهم ، د. حسن ظاظا، ص93.
[85] - يُنظر: فقه اللغات السامية، كارل بروكلمان، ترجمة: د. رمضان عبد التواب، ص23، مطبوعات جامعة الرياض، من دون الطبعة وسنتها.
[86] - يُنظر: الساميون ولغاتهم ، د. حسن ظاظا، ص97، وما بعدها.
[87] - ألّف الدكتور قيس مغشغش السعدي " معجم المفردات المندائية في العامية العراقية" الذي تضمن فصلين عن اللغة المندائية وأبجديتها ثم عرض حوالي 1250 مفردة ومعانيها وأساسها في اللغة المندائية، التي ما تزال حية في عربية العراقيين والتي توارثتها الأجيال جيلاً بعد جيل.
[88] - يُنظر: الساميون ولغاتهم . د. حسن ظاظا، ص99.
[89] - الساميون ولغاتهم، ص100.
[90] - يُنظر: معجم الحضارات السامية ، ص475.
[91] - هذا ما توصلت إليه الأبحاث العلمية والتي فندت الأصل الجنوبي للحرف العربي والذي ينسبه إلى المسند الحميري ، ومن جملة تلك الأبحاث بحثٌ مخطوطٌ بعنوان: "الخط العربي وأثر القرآن الكريم في تطوره" أعده الباحث في مرحلة الدراسات الأولية وشارك في احتفالية الألفية الخامسة لاختراع الكتابة، ببغداد 2000م، أشرف عليه الدكتور عبد الأمير زاهد، في جامعة الكوفة .
[92] - تأصيل الجذور السامية وأثره في بناء معجم عربي حديث، د. حسام قدوري عبد ، ص12- 13.
[93] - تاريخ اللغات السامية، ولفنسون، ص163.
[94] - يُنظر: اللغة الكنعانية دراسة صوتية صرفية دلالية مقارنة في ضوء اللغات السامية، د. يحيى عبابنة، ص19، دار مجدلاوي، ط/1، عمّان 2003م.
[95]- (المشنة) هو القسم الأول من التلمود اليهودي، وهي كلمةٌ تعني : التثنية والترديد ، وهي توضيح للشريعة الشفهية وقد كُتب باللغة العبرية. يُنظر: مختصر تاريخ اللغة العبرية، حاييم رابين، ترجمة د. طالب القريشي، ص16، منشورات دار الحكمة، ط/1، بغداد 2010م
[96] - يُنظر: معجم الحضارات السامية، هنري عبّودي، ص589.
[97] - الكتاب الشريف ، سفر التكوين، ص9-10.
[98]- (عيلام) أبو العيلاميين، الذين استوطنوا غرب بلاد فارس وشرق وادي الرافدين، وهي المنطقة التي يُعرفُ سكّانها بالكرد الفيليين.
[99] - يُنظر: مختصر تاريخ اللغة العبرية، حاييم رابين، ص8.
[100] - تاريخ اللغات السامية، إسرائيل ولفنسون، ص167.
[101] - منهم : إسرائيل ولفنسون، في كتابه تاريخ اللغات السامية ص93، وتبعه في ذلك وزاد عليه صاحب معجم الحضارات السامية.
[102] - يُنظر: تاريخ اللغات السامية، إ. ولفنسون، ص164- 166.
[103] - اللسان والانسان مدخل إلى معرفة اللغة ، د. حسن ظاظا، ، ص146، دار القلم ، ط/2، دمشق 1990م.
[104] - يُنظر: مجمع البحرين، فخر الدين الطريحي (ت1085هـ) تحقيق أحمد الحسني، المجلد/1، ص 369، مؤسسة التاريخ العربي، ط/2، بيروت 2008م. ويُنظر: صراع العربية من أجل البقاء، كاظم محمد النقيب، ص65، مطبعة الطف، كربلاء من دون سنة.
[105] - المزهر في علوم اللغة وأنواعها ، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، (ت911هـ) ضبط وتصحيح : فوّاز علي منصور، المجلد /1، ص 26، دار الكتب العلمية ، ط/1، بيروت 1998م.
[106] - أبحاث في تارخ العربية ومصادرها، د. محمد حسين آل ياسين ، ص35- 36، عالم الكتب ، ط/1، 1996م.
[107] - قصص من اللغة ، عبد الحق فاضل ، ص22، دار ابن الأثير للطباعة والنشر / جامعة الموصل، ط/ 2، الموصل 2008م.
[108] - اللغات السامية ، تيودور نولدكه ، ترجمة د. رمضان عبد التواب، ص13- 14،.
[109] - يُنظر: فصول في فقه العربية ، د. رمضان عبد التواب، ص76-77.
[110] - يُنظر: المرجع نفسه: ص76-77. وفقه اللغات العروبية وخصائص العربية، د. خالد نعيم الشناوي ص82-83، دار
ومكتبة البصائر ، ط/12، بيروت 2013.
[111] - دراسة اللهجات العربية القديمة، د. داوُد سلوم، ص9، علم الكتب، مكتبة النهضة العربية، ط/1، بيروت 1986م.
[112] - اللهجات العربية الغربية القديمة، جيم رابين، ترجمة عبد الرحمن أيوب، ص51، مطبوعات جامعة الكويت، مطبعة
ذات السلاسل من دون سنة طبع ، الكويت 1986م.
[113] - تاريخ اللغات السامية، ص173.
[114] - تاريخ اللغات السامية، إسرائيل ولفنسون، ص126.
[115] - يُنظر: تاريخ اللغات السامية، إسرائيل ولفنسون، ص169.
[116] - يُنظر: المصدر السابق: ص169-170.
[117] - يُنظر: المصدر نفسه: ص170.
[118] - يُنظر: نفسه: ص215.
[119] - يُنظر: فقه اللغة المقارن، د. إبراهيم السامرائي، ص174، دار العلم للملايين، ط/2، بيروت 1978م
[120] - فقه اللغة المقارن، د. إبراهيم السامرائي، ص160. وأعتقد أن الحقبة هي الصحيح .
[121] - يُنظر: من تراثنا اللغوي، طه باقر، ص15، ويُنظر: الحضور الأكدي والآرامي، علاء اللامي، ص81 وما بعدها.
[122] - فقه اللغة وخصائص العربية ، محمد المبارك، ص210، دار الفكر ، بيروت 2005م
[123] - يُنظر: من تراثنا اللغوي، طه باقر، ص15.
[124] - المصدر السابق، ص 16.
[125] - في علم اللغة ، د. غازي مختار طليمات ، ص71، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر ، ط/3، دمشق 2007م.
[126] - يُنظر: من الساميين إلى العرب ، الشيخ نسيب وهيبه الخازن، ص173 منشورات دار مكتبة الحياة ، بيروت 1962م.
[127] - فقه اللغة وخصائص العربية ، محمد المبارك، ص211-212، دار الفكر ، بيروت 2005م.
[128] - يتفق د. محمد حسن عبد العزيز مع د. ناصر الدين الأسد أن أوغست فيشر هو الذي عرض فكرة وضع قاموس تاريخي للغة العربية، وذلك في مدينة بازل 1907 ثم في كوبنهاغن 1908 وأثينا 1912 وقد تمت الموافقة على إعداده سنة 1936 بناء على اقتراح مجْمع اللغة العربية في القاهرة عندما أصبح فيشر أحد الأعضاء الأوائل في مجمع فؤاد الأول للغة العربية.
[129] - يُنظر: التَّأثيل والتَّأصيل والمعجم التاريخي للغة العربية، بحث د. نزيه قسيس.
[130] - يُنظر: تأصيل الجذور السامية، د. حسام قدوري، ص21، نقلاً عن بحث د. مطلوب: آفاق نمو المعجم العربي الحديث، ص96.
[131] - يُنظر: التَّأثيل والتَّأصيل والمعجم التاريخي للغة العربية بحث للدكتور نزيه قسيس على الشبكة الدولية للمعلومات.
[132] - معجم اللغة واللسانيات ، هارتمان وستورك، ص176.
[133] - سورة/ النحل، الآية/ 103.
المصادر والمراجع بحسب تسلسلها في البحث:
  1. القرآن الكريم.
  2. الكتاب الشريف طبعة 2007.
  3. تأملات في فلسفة اللغة، خصوصية اللغة العربية وإمكاناتها، د. عمر ظاهر، دار الرافدين للطباعة والنشر، ط/1، بيروت 2008م.
  4. معجم عجائب اللغة، شوقي حمادة، دار صادر، ط/2، بيروت 2007م.
  5. فقه اللغة المقارن، د. إبراهيم السامرائي، دار العلم للملايين، ط/2، بيروت 1978م.
  6. الخصائص، أبو الفتح عثمان بن جني (ت392هـ) تحقيق: محمد علي النجار، عالم الكتب، ط/2، بيروت 2010م.
  7. علم اللغة، مقدمة للقارئ العربي، د. محمود السعران، دار النهضة العربية، بيروت.
  8. تاريخ الطبري المعروف بتاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري (ت310هـ) تحقيق: عبد الأمير علي مهنا، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط/1، بيروت 1998م.
  9. دراسات في فقه اللغة، محمد الأنطاكي، دار الشرق العربي، ط/4، بيروت، من دون سنة الطبع.
  10. فلسفة اللغة، سيلفان أورو، ترجمة: عبد المجيد جحفة، دار الكتاب الجديد المتحدة ط/1، بيروت 2010م.
  11. العربية والإعراب، د. عبد السلام المسدي، دار الكتاب الجديد المتحدة، ط/1، بيروت 2010م.
  12. فقه اللغة المقارن، د. إبراهيم السامرائي، دار العلم للملايين، ط/2، بيروت 1978م.
  13. اللسان والإنسان مدخل إلى معرفة اللغة، د. حسن ظاظا، دار القلم، ط/2، دمشق1990م.
  14. اللغة العبرية وظاهرة اللغات، عبد الكريم بوفرة، بحث منشور ضمن كتاب اللغات والحضارات الشرقية نظر وتطبيق تنسيق أحمد شحلان، و إدريس أعبيزة، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، مطبعة: الأمنية، ط/1،الرباط 2005م.
  15. بذور الكلام أصل اللغة وتطورها، جين أتشن، ترجمة وفيق فائق كريشات، منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب، وزارة الثقافة، من دون رقم الطبعة، دمشق 2009م.
  16. اللسان والانسان مدخل إلى معرفة اللغة، د. حسن ظاظا، دار القلم، ط/2، دمشق1990م.
  17. محاضرات في علم اللغة العام، د. البدراوي زهران، دار العالم العربي، ط/1، القاهرة 2008م.
  18. علم الاشتقاق نظرياً وتطبيقياً، د. محمد حسن حسن جبل، مكتبة الآداب، ط/3، القاهرة/ 2012.
  19. المعجم الفلسفي، د. جميل صليبا، منشورات ذوي القربي، ط/1، مطبعة: سليمان زاده، قم 1385هجري شمسي.
  20. عنف اللغة، جان جاك لوسركال، ترجمة وتقديم: د. محمد بدوي، مراجعة د. سعد مصلوح، المنظمة العربية للترجمة، ط/2، بيروت 2006م
  21. علم الاشتقاق نظرياً وتطبيقياً، د. محمد حسن حسن جبل، مكتبة الآداب، ط/3، القاهرة 2012.
  22. معجم اللغة واللسانيات، هارتمان وستورك، ترجمة د. توفيق عزيز عبد الله وآخرون، دار المأمون للترجمة والنشر، ط/1، بغداد / 2012.
  23. معجم الصحاح ، إسماعيل بن حماد الجوهري (ت 393هـ)، عناية: خليل مأمون شيحا، دار المعرفة، ط/3، بيروت 2008م.
  24. المعجم في فقه لغة القرآن وسر بلاغته، قسم القرآن بمجمع البحوث الإسلامية، مجمع البحوث الإسلامية، ط/3، مطبعة غوتمبرغ، مشهد 1429هـ.
  25. مقاييس اللغة، أحمد بن فارس بن زكريا (ت395هـ)، مراجعة: أنس محمد الشامي، دار الحديث، مطبعة المدني، القاهرة 2008م.
  26. قاموس علوم اللغة، فرانك نوفو، ترجمة صالح الماجري، ص64، المنظمة العربية للموسوعات/ مركز دراسات الوحدة العربية، ط/1، بيروت 2012.
  27. عنف اللغة، جان جاك لوسركال، ترجمة وتقديم: د. محمد بدوي، المنظمة العربية للترجمة، ط/2، بيروت 2006م.
  28. الدلالة المحورية في معجم مقاييس اللغة ، دراسة تحليلية نقدية، د. عبد اكريم محمد حسن جبل، دار الفكر، ط/1، المطبعة العلمية ، دمشق2003م.
  29. تأصيل الجذور السامية وأثره في بناء معجم عربي حديث، د. حسام قدوري عبد، دار الكتب العلمية، ط/1، بيروت2007م.
  30. التصريف الملوكي، صنعة أبي الفتح عثمان بن عبد الله بن جني النحوي، تحقيق: د. البدراوي زهران، الشركة المصرية العالمية للنشر، مطبعة دار نوبار، ط/1، القاهرة 2001م
  31. الفروق اللغوية، أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري (ت400هـ)، تعليق: محمد باسل عيون السود، دار الكتب العلمية، ط/ 3، بيروت2005م.
  32. الكليات أبو البقاء أيوب بن موسى الكفوي (ت1094هـ)، تحقيق: د. عدنان درويش، محمد المصري، مؤسسة الرسالة، ط/2، بيروت2011م.
  33. محاضرات في علم اللغة العام، د. البدراوي زهران، دار العالم العربي، ط/1، القاهرة 2008م.
  34. فقه اللغة وعلم اللغة نصوص ودراسات، د. محمود سليمان ياقوت، دار المعرفة الجامعية الاسكندرية 1994م.
  35. علم اللسانيات الحديثة، د. عبد القادر عبد الجليل، دار صفاء للنشر، ط/1، عمّان 2002م.
  36. قصص من اللغة، عبد الحق فاضل، دار ابن الأثير للطباعة والنشر/ جامعة الموصل، ط/2، الموصل 2008م.
  37. الصيغ الثلاثية مجردة ومزيدة اشتقاقاً ودلالة، د. ناصر حسين علي، المطبعة التعاونية بدمشق 1989م.
  38. تاريخ اللغات السامية، إسرائيل ولفنسون، دار القلم، ط/1، بيروت1980م.
  39. معجم الحضارات السامية، هنري س، عبّودي، جروس برس، ط/2، لبنان1991م.
  40. اللغات السامية ، تيودور نولدكه ، ترجمة د. رمضان عبد التواب، الناشر مكتبة دار النهضة العربية ، المطبعة الكمالية / القاهرة ، من دون سنة طبع.
  41. فصول من فقه اللغة العربية، د. رمضان عبد التواب، مكتبة الخانجي، ط/7، القاهرة 2009م.
  42. اللسان والانسان مدخل إلى معرفة اللغة، د. حسن ظاظا، دار القلم، ط/2، دمشق1990م.
  43. كتاب العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي، تحقيق د. مهدي المخزومي، د. ابراهيم السامرائي، دار الهلال، سلسلة المعاجم والفهارس، من دون الطبعة وسنتها.
  44. فقه اللغة، د. علي عبد الواحد وافي، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، ط/6، القاهرة 2008م.
  45. الإحكام في أصول الأحكام، ابن حزم الأندلسي(456هـ)، مطبعة السعادة، مصر1926.
  46. المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، د. جواد علي، ط/2، ساعدت جامعة بغداد على طبعه 1993م.
  47. فقه اللغة العربية د. كاصد ياسر الزيدي، دار الفرقان ، ط/1، الأردن 2005م.
  48. تهذيب اللغة أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري(ت370هـ) تحقيق عبد السلام هارون، دار الصادق للطباعة والنشر.
  49. اللغة العربية وقيم الأصول، د. ميشال اسحق، مؤسسة دار الريحاني للطباعة والنشر ، ط/1 بيروت1999م.
  50. اللسان الأكادي، د. عيد مرعي، منشورات الهيئة السورية للكتاب، دمشق 2012م.
  51. الساميون ولغاتهم، د. حسن ظاظا، دار القلم، ط/2، دمشق1990م.
  52. الحضور الأكدي والآرامي والعربي الفصيح في لهجات العراق والشام العامية، علاء اللامي، دار المأمون للترجمة والنشر، مطبعة الوقف الحديثة، بغداد2012م.
  53. اللسان والانسان مدخل إلى معرفة اللغة، د. حسن ظاظا، دار القلم، ط/2، دمشق 1990م.
  54. قواعد اللغة الأكدية، د. فوزي رشيد، دار صفحات للدراسات، ط/1، دمشق 2009م.
  55. فقه اللغات السامية، كارل بروكلمان، ترجمة: د. رمضان عبد التواب، مطبوعات جامعة الرياض، من دون الطبعة وسنتها.
  56. تأصيل الجذور السامية وأثره في بناء معجم عربي حديث، د. حسام قدوري عبد، دار الكتب العلمية ، ط/1، بيروت 2007م.
  57. اللغة الكنعانية دراسة صوتية صرفية دلالية مقارنة في ضوء اللغات السامية، د. يحيى عبابنة، دار مجدلاوي، ط/1، عمّان 2003م.
  58. مختصر تاريخ اللغة العبرية، حاييم رابين، ترجمة د. طالب القريشي، ص16، منشورات دار الحكمة، ط/1، بغداد 2010م
  59. تاريخ اللغات السامية، إسرائيل ولفنسون، دار القلم، ط/ 1، بيروت1980م.
  60. اللسان والانسان مدخل إلى معرفة اللغة، د. حسن ظاظا، دار القلم، ط/2، دمشق1990م.
  61. مجمع البحرين، فخر الدين الطريحي (ت1085هـ) تحقيق أحمد الحسني، المجلد/1، مؤسسة التاريخ العربي، ط/2، بيروت 2008م.
  62. صراع العربية من أجل البقاء، كاظم محمد النقيب، مطبعة الطف، كربلاء من دون سنة.
  63. المزهر في علوم اللغة وأنواعها، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، (ت911هـ) ضبط وتصحيح: فوّاز علي منصور، دار الكتب العلمية، ط/1، بيروت 1998م.
  64. أبحاث في تاريخ العربية ومصادرها، د. محمد حسين آل ياسين، عالم الكتب، ط/1، 1996م.
  65. قصص من اللغة ، عبد الحق فاضل، دار ابن الأثير للطباعة والنشر/ جامعة الموصل، ط/ 2، الموصل 2008م.
  66. فقه اللغات العروبية وخصائص العربية، د. خالد نعيم الشناوي، دار ومكتبة البصائر، ط/12، بيروت 2013.
  67. دراسة اللهجات العربية القديمة، د. داوُد سلوم، عالم الكتب، مكتبة النهضة العربية، ط/1، بيروت 1986م.
  68. اللهجات العربية الغربية القديمة، جيم رابين، ترجمة عبد الرحمن أيوب، مطبوعات جامعة الكويت، مطبعة ذات السلاسل من دون سنة طبع، الكويت 1986م.
  69. فقه اللغة المقارن، د. إبراهيم السامرائي، دار العلم للملايين، ط/2، بيروت 1978م.
  70. من تراثنا اللغوي ما يُسمّى في العربية بالدخيل، طه باقر، دار الورّاق، ط/1، بغداد2010م.
  71. فقه اللغة وخصائص العربية، محمد المبارك، دار الفكر ، بيروت 2005م.
  72. في علم اللغة، د. غازي مختار طليمات، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر ، ط/3، دمشق 2007م.
  73. من الساميين إلى العرب، الشيخ نسيب وهيبه الخازن، منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت 1962م.
  74. فقه اللغة وخصائص العربية، محمد المبارك، دار الفكر، بيروت 2005م.
  75. المواقع الالكترونية:  الموقد، موقع للثقافة والفنون، التَّأثيل والتَّأصيل والمعجم التاريخي للغة العربية بحث للدكتور نزيه قسيس على الشبكة الدولية للمعلومات في الرابط/ http://www.almawked.com/?page=details&newsID
تم عمل هذا الموقع بواسطة